ويرد عليه : إن التعارض بين الدليلين ليس بحسب المراد الاستعمالي فيهما قطعاً ، وإلاّ لم يقع التعارض بين القول المثبت لمعنى مع القول النافي له بلسان المجاز أو الكناية ، كما لو قيل ( زيد بخيل ) و ( زيد كثير الرماد ) أو ( زيد جبان ) و ( زيد أسد ) لأن كل منهما بحسب المراد الاستعمالي يتعرض لما لا يتعرض له الآخر.
وانما العبرة في التعارض بالمراد التفهيمي من الدليلين وهو مختلف في الحاكم والمحكوم ، فإن الحاكم وان كان ينفي ما هو موضوع للمحكوم استعمالاً ـ مثلاً ـ الا ان المراد به تفهيماً نفي نفس الحكم الذي يثبته المحكوم فهما متعارضان.
يضاف إلى ذلك انّ هذا لا يتم في قسم من قسمي الحكومة لدى هؤلاء وهو حيث يكون الحاكم متعرضاً لعقد الحمل من المحكوم ، فإنه حينئذٍ يتعرض لنفس ما يثبته المحكوم أو ينفيه كما هو واضح.
الثاني : ما قد يظهر من بعض كلمات السيد الأستاذ (قده) من ان الدليل الحاكم شارح للمراد من المحكوم ومبين للمراد منه والشارح لا يعارض المشروح.
ويرد عليه :
أوّلاً : إن مبنى إدعاء الشارحية هو الاعتقاد بأن الحاكم ناظر إلى المحكوم ومسوق للتعرض له ، وقد سبق عدم تمامية هذا الرأي بل أوضحنا ان الحاكم انما ينظر إلى الارتكاز الثابت في ذهن المخاطب على الارتباط بين الحكم وموضوعه بنحو عامّ ، وهذا النظر هو مصحح لسانه التنزيلي دون النظر إلى اطلاق وعموم.
وثانياً : ان الشارحية انما هي سمة لأسلوب الدليل الحاكم ولسانه واما واقعه ومحتواه فهو كالمخصّص واقع في المعارضة مع العام حيث إنهما جميعاً يقتضيان كون مقام الاثبات في الدليل العام اوسع من مقام الثبوت