وعلى هذا فلا ترتبط الآية بمحلّ البحث ، مضافاً إلى أن تحديد الأَمر بالوضوء والغسل بعدم الحرج لا يعني عدم صحتهما حينئذٍ لأَن تحديد الحكم بمثلهما لا يعني الا محدودية الالزام دون عدم صحة العمل كما تقدّم.
ويرد عليه :
أوّلاً : ان كون المرض كناية عن الحرج في استعمال الماء خلاف المتعارف في الاستعمالات ، فان المعهود فيها ان يكنى به عن الضرر.
وثانياً : انه لا وجه للاستشهاد على ذلك بذيل الآية ، لان ذلك مرتبط بأصل جعل الطهارات الثلاث لا بخصوص التيمم ـ كما تنبه له بعض المفسرين ـ فالمقصود به ان الله تعالى لم يأمر بها لكي يحرج عباده ويشق عليهم وانما امر بها لتطهيرهم.
الوجه الرابع : ان يقال انه لو سلمنا انَّ الآية الشريفة تدل على عدم وجوب الوضوء والغسل في حال المرض الا انه يكفي في مشروعيتهما إطلاق ادلة استحبابهما وحينئذٍ يترتب عليهما أثرهما وهو الطهارة من الحدث (١).
ويرد عليه :
أوّلاً : انه لم يقم دليل على الاستحباب النفسي للوضوء والغسل فيما عدا الوضوء التجديدي والوضوء المشروع للحائض. على ما أوضحناه في علم الفقه.
وثانياً : انه لو فرض وجود الدليل على استحبابهما النفسي فلا اطلاق له بالنسبة إلى من يضرّه الماء فان الامر الاستحبابي بهما انما هو في الحصة التي يكون واجداً فيها لشرط الوجوب لا مطلقاً.
__________________
(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ : ٥٥٢.