وذلك يختلف بحسب الاحتمالات السابقة في مصب الحرمة :
اما على الاحتمال الأَوّل : فيكون متعلق الحرمة أمراً لا اتحاد له بوجه معهما ، فإن كان مضراً بصحتهما فانما هو من جهة الاخلال بقصد القربة المعتبرة فيهما ، وهذا الاخلال لا يتصور في صورة الجهل بكونه مضراً على نحو الجهل المركب أو الاطمئنان لعدمه أو الغفلة عنه أو نسيانه. وأما مع العلم به أو ما في حكمه ففيه جهتان : جهة ترتب امرمحبوب عليه وهو الطهارة. وجهة ترتب امر مبغوض عليه وهو الاضرار المحرم ، ولا يبعد تمشي قصد القربة اذا اتى بها بداعي التسبيب إلى الجهة الأُولى.
واما على الاحتمال الثاني : فالمحرّم يكون نفس الوضوء والغسل فيدخل تحت عنوان النهي عن العبادة فيحكم بالفساد ـ على المشهور ـ لأَنّه لا اثر للتقرب بما هو مبغوض ذاتاً.
واما على الاحتمال الثالث : فان قلنا بان الوضوء والغسل من قبيل موضوعات الاحكام فقط فيلحق بالاحتمال الأَوّل حكماً ، وعلى القول بانهما من قبيل متعلقات الأَحكام يدخل في بحث اجتماع الأمر والنهي ، فان قلنا بالامتناع وتغليب جانب النهي فلا بُدّ من الحكم بالفساد في صورة العلم وأما في صورة الجهل فمبني على القول باقتضاء القول بالامتناع الفساد مطلقاً ، والمختار هو عدم الامتناع ، وعلى القول به فيفصل بين صورتي العلم والجهل كما سبق في الاحتمال الأَوّل.
التنبيه الخامس : في انّه هل يستفاد من ( لا ضرر ) جعل الحكم ، اذا كان يلزم الضرر لولا وجوده ـ كما يستفاد منه نفي الحكم اذا كان يلزم الضرر بوجوده ـ أم لا ؟. وعلى التقدير الأَوّل فهل هناك أمثلة فقهية تكون من هذا القبيل أم لا ؟