وقد انكر المحقق النائيني (قده) الكبرى والصغرى معاً (١) واقر السيد الاستاذ (قده) بالكبرى ولكنه انكر الصغرى قائلاً : ( بأن الصغرى لهذه الكبرى غير متحقّقة فانّا لم نجد مورداً كان فيه عدم الحكم ضرراً حتى يحكم برفعه وثبوت الحكم بقاعدة لا ضرر ) (٢) ويظهر من بعض الفقهاء منهم السيد الطباطبائي في ملحقات العروة الالتزام بهما معاً كما سيجيء نقل كلامه.
والكلام تارة في الكبرى واُخرى في الصغرى ، فهنا مقامان :
أما في المقام الأَوّل : فتقريب انكار الكبرى ان حديث ( لا ضرر ) لا ناظر إلى الأَحكام المجعولة في الشريعة المقدّسة ومقيد لها بعدم أدائها إلى الضرر على المكلّف ، وعدم الحكم ليس حكماً مجعولاً فلا يشمله الحديث. وليس المدعى انه لا يمكن جعل الحكم العدمي ـ فان الاباحة التكليفية حكم عدمي وليس عدم الحكم بحسب الدقة لانها تنشأ من قبل الشارع بعنوان إرخاء العنان بالنسبة إلى كل من الفعل والترك للمكلّف ، وكذلك الحلّية فانها بمعنى حل عقدة الحظر ومرجعها إلى هدم الحكم التحريمي المجعول ، كما انه ليس المدعى أنّه لا يمكن انشاء عدم الحكم بل هو امر ممكن كما في الحكم بعدم اشتغال الذمة ، وانما المقصود ان مجرد عدم جعل الحكم في مورد قابل لا يمكن عده حكماً حتى يكون مرفوعاً بحديث ( لا ضرر ).
والجواب عن ذلك : ان ما ذكر من نظر الحديث إلى الاحكام المجعولة في الشريعة محل منع لان مفاد الحديث هو عدم التسبيب إلى تحمّل الضرر ـ أي نفي وجود ضرر منتسب إلى الشارع المقدس بما هو
__________________
(١) تقريرات المحقق النائيني : ١١٩ وما بعده.
(٢) لاحظ جامع الأحاديث. الباب ٣.