ويكون ماء غير البئر بعيداً عنها ، فيرغب صاحبها عن ذلك الكلأ فيتوفر لصاحب البئر بهذه الحيلة ) ثم قال فمقتضى الحديث حينئذٍ انّه لا يمنع فضل الماء بوجه من الوجوه ، لأنّه إذا لم يمنع بسبب غيره كالمحافظة علىٰ الكلأ فأولى أن لا يمنع بسبب نفسه.
وهذا الوجه هو المنساق من ظاهر الحديث فهو صحيح.
الجهة الثالثة : في ارتباط النهي عن منع فضل الماء بقوله ( لا ضرر ولا ضرار ) المذكور بعده.
والكلام في هذه الجهة يقع تارة فيما يقتضيه ظاهر الحديث في نفسه ، وأُخرى فيما تقتضيه القرائن الخارجية.
أما ظاهر الحديث فمقتضاه الترابط بينهما علىٰ حذو ما تقدّم في حديث الشفعة لاتحادهما سياقاً ، وقد سبق انّ الظاهرمن مثل هذا السياق هو الارتباط بين الجملتين ، وكون الجمع بينهما إمّا من قبل النبي صلىاللهعليهوآله أو الامام عليهالسلام دون الراوي.
واما القرائن الخارجية فقد اختار العلاّمة شيخ الشريعة وجمع من المحققين أن مقتضاها عدم الترابط بين الجملتين وكون الجمع بينهما من قبل الراوي كما سبق ذلك في حديث الشفعة.
ولكن يمكن لنا أن نقول ـ كما تقدّم نظيره في حديث الشفعة ـ : إنّ تكرار قوله ( لا ضرر ولا ضرار ) بعد حديث الشفعة وحديث منع فضل الماء جميعاً ، قرينة واضحة علىٰ الارتباط بينه وبين كل منهما ، فإنّه لو كان المجمع من قبل الراوي لما كان لذكرحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) مرتين مبرر اصلاً.
بل يمتاز المقام عن حديث الشفعة في انّ قوله ( لا ضرر ولا ضرار ) ورد هنا معطوفاً بالفاء في جملة من نسخ الرواية ، والعطف بالفاء لا مصحح له لولا الارتباط بين الجملتين ، فهو مرجح احتمالي لصالح القول بالارتباط ، مع أن ورود العطف بالواو في بعض النسخ الأُخرىٰ ليس مرجحاً احتمالياً