ظاهر فيما اذا كان للجار حق بالنسبة إلىٰ الجدار ـ لكي يصدق الاضرار به عرفاً ـ ، ولا يشمل ما اذا لم يكن له حق فيه وانما كان هدمه مستلزماً لعدم انتفاعه بجدار الغير ، واما قول السائل ( لغير حاجة منه إلىٰ هدمه ) فلا يدل علىٰ عدم كون الجدار متعلقاً لحق الغير ، بل لعل المراد به اخراج صورة تعارض الضررين ، حيث يكون صاحب الجدار محتاجاً إلىٰ هدمه لكونه آئلاً للسقوط أو موجباً لضيق داره مثلاً مع كونه متعلقاً لحق الجار.
وهذا الوجه في توجيه الرواية يظهر من كلام لصاحب الجواهر (١) في كتاب الصلح ذكره تأييداً لكلام نقله عن المحقق الكركي في جامع المقاصد.
رواه في كنز العمال عن جامع عبد الرزاق الصنعاني منقولاً باسناده عن الحجاج بن أرطأة ـ وهو من رجال الصادقين كما في كتاب الرجال للشيخ (قده) ـ قال أخبرني أبو جعفر : ان نخلة كانت بين رجلين فاختصما فيها إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال احدهما : اشققها نصفين بيني وبينه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار في الإسلام يتقاومان فيها (٣).
والحكم المذكور في الرواية جار علىٰ وفق قاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) وقد ذكره فقهاؤنا مع تعليله بهذه القاعدة ايضاً.
__________________
(١) جواهر الكلام ٢٦ / ٢٦٨.
(٢) هذا الحديث وما بعده من الأحاديث وإن لم ترد في كتبنا وإنّما وردت في كتب العامّة إلا إنّا آثرنا التعرض لها استيفاءً لما اطلعنا عليه من القضايا التي ذكر قاعدة لا ضرر ولا ضرار في مواردها في كتب علماء الإسلام مضافاً إلىٰ بعض الفوائد الأخرى التي ستتضح من خلال البحوث الآتية.
(٣) كنز العمال ٥ : ٨٤٣ ح ١٤٥٣٤.