الحس في خبر الصدوق ـ ولو من جهة نقل كابر عن كابر وثقة عن ثقة ـ موجودٌ وجداناً فيلزم البناء علىٰ حجية خبره.
هذا والصحيح في الجواب عن الوجه المذكور ما اوضحناه في مبحث حجية الخبر الواحد.
أوّلاً : من أن التحقيق هو حجية الخبر الموثوق به دون خبر الثقة ، ، وعليه فلا بُدّ من حصول الوثوق عندنا بثبوت المخبر به ، ولا يكفي مجرد وثوق المخبر بصحة خبره في ذلك ، إذا لم يستوجب الوثوق لدينا.
وثانيا : انه لو كان تصحيح الصدوق (قده) للخبر وجزمه به حجة علىٰ ثبوته فلا وجه لتخصيص ذلك بمراسيله التي جاءت بصيغة جزمية ، بل ينبغي القول بحجية جميع مراسيله ، بل جميع ما ابتدأ فيه باسم شخص لم يذكر طريقه اليه في المشيخة ، اذا كان هو ومن يروي عنه من الوسائط ـ ان وجدت ـ من الثقات ، والوجه في ذلك انه قدسسره قد شهد في مقدمة كتابه بصحة جميع ما رواه فيه ، حيث قال : ( ولم اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت إلىٰ ايراد ما أُفتي به واحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربّي تقدس ذكره وتعالت قدرته ) (١). وعلى ضوء هذا فتفريقه بين الروايات في التعبير ، حيث يعبر تارة بالرواية ، واخرى بالقول ، وثالثة بالسؤال ، أو يستعمل صيغة المعلوم تارة ، وصيغة المجهول اخرى ... الخ ليس الا ضرباً من التفنن في التعبير ، حذراً من التكرار المملّ كما يشهد له اختلاف تعبيره في مورد راوٍ واحد ممّن اليه سند في المشيخة.
وبهذا يظهر بطلان كل مبنىً يستند إلى التفريق بين هذه التعابير ، كأن يقال (٢) مثلاً : ان اسانيد المشيخة لا تشمل الروايات التي وردت في الفقيه
__________________
(١) من لا يحضر الفقيه ١ / ٣.
(٢) مستند العروة الوثقىٰ ـ كتاب الصوم ٢ / ٢٠٣.