فقال الآخر : إنّ عذاب الدّنيا ، له مدّة وانقطاع. وعذاب الآخرة ، قائم لا انقضاء له. فلسنا نختار عذاب الآخرة الدّائم الشّديد ، على عذاب الدّنيا المنقطع الفاني.
قال : فاختارا عذاب الدّنيا. وكانا يعلّمان النّاس السّحر ، في أرض بابل. ثمّ لمّا علّما النّاس السّحر ، رفعا من الأرض إلى الهواء. فهما معذّبان منكّسان معلّقان في الهواء ، إلى يوم القيامة.
فهو موافق لمذهب العامّة.
وفي روضة الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) بولاية الشّياطين ، (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ).
وفي كتاب الاحتجاج ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله (٢) ـ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه قال السّائل له ـ عليه السّلام : فمن أين علم الشّياطين السّحر؟
قال : من حيث عرف الأطباء الطّب ، بعضه تجربة وبعضه علاج.
قال : فما تقول في الملكين هاروت وماروت؟ وما يقول النّاس بأنهما يعلّمان النّاس السّحر؟
قال : إنّهما موضع ابتلاء وموقف فتنة بتسبيحهما اليوم ، لو فعل الإنسان كذا وكذا ، لكان كذا وكذا. ولو يعالج بكذا وكذا ، لصار كذا أصناف السّحر فيتعلّمون منهما ما يخرج عنهما. فيقولان لهم : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ). فلا تأخذوا عنها ما يضرّكم ولا ينفعكم.
قال : أفيقدر السّاحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب والحمار ، أو غير ذلك؟
قال : هو أعجز من ذلك. وأضعف من أن يغيّر خلق الله. إنّ من أبطل ما ركّبه الله وصوّره وغيّره ، فهو شريك الله في خلقه. تعالى عن ذلك علوّا كبيرا].(٣)
(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) بالرّسول وما جاء به ، (وَاتَّقَوْا) بترك المخالفة ، (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١٠٣) جهلهم ، لترك التّدبّر ، أو (٤) العمل
__________________
(١) الكافي ٨ / ٢٩٠ ، ح ٤٤٠.
(٢) الاحتجاج ٢ / ٨٢ ، مع اختلاف قليل.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) ر : و.