(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) قال : النّاسخ ما حوّل. وما ينسيها ، مثل الغيب الّذي لم يكن بعد ، كقوله (١) : يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.
قال : فيفعل الله ما يشاء. وما يحوّل ما يشاء ، مثل قوم يونس إذ بدا له. فرحمهم.
ومثل قوله (٢) : فتولّ عنهم فما أنت بملوم.
قال : أدركتهم رحمته].(٣)
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٠٦). فهو يقدر على النّسخ والإتيان ، بمثل المنسوخ ، وبما هو خير منه؟
(أَلَمْ تَعْلَمْ) :
الخطاب للنّبيّ. والمراد هو وأمّته ، لقوله : (أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : يملك أموركم. ويدبّرها على حسب ما يصلحكم. وهو أعلم بما يتعبّدكم به من ناسخ أو منسوخ؟
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (١٠٧) الفرق بين «الوليّ» و «النّصير» ، أنّ «الوليّ» قد يضعف عن النصرة.
و «النّصير» قد يكون أجنبيّا عن المنصور.
(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ؟) :
لمّا بيّن لهم أنّه مالك أمورهم ، ومدبّرها على حسب مصالحهم ، من نسخ الآيات وغيره ، وقرّدهم على ذلك بقوله «ألم تعلم» ، أراد أن يوصيهم بالثّقة به فيما هو أصلح لهم ، ممّا يتعبّدهم به وينزل عليهم ، وأن لا يقترحوا على رسولهم ما اقترحته آباء اليهود على موسى ، من الأشياء الّتي كانت عاقبتها وبالا عليهم.
قيل (٤) : نزلت في أهل الكتاب ، حين سألوا أن ينزّل [الله] (٥) عليهم كتابا من السّماء. وقيل : في المشركين ، لمّا قالوا لن نؤمن لرقيّك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه.
(وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ) ومن ترك الثّقة بالآيات المنزلة وشكّ فيها واقترح غيرها.
__________________
(١) الرعد / ٣٩.
(٢) الذاريات / ٥٤.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٧٦.
(٥) يوجد في المصدر.