(فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١٠٨) ، أي : الطّريق المستقيم حتّى وقع في الكفر ، بعد الإيمان.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) :
روى (١) أنّ فنحاص بن عازورا وزيد بن قيس ونفرا من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر ، بعد وقعة أحد : ألم تروا ما أصابكم؟ ولو كنتم على حقّ ما هزمتم. فارجعوا إلى ديننا. فهو خير لكم ، وأفضل. ونحن أهدى منكم سبيلا.
فقال عمّار : كيف نقض العهد فيكم؟
قالوا : شديد.
قال : فإنّي عاهدت أن لا أكفر بمحمّد ما عشت.
فقالت اليهود : أمّا هذا فقد صبا.
قال حذيفة : وأمّا أنا فقد رضيت بالله ربّا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمّد نبيّا ، وبالقرآن اماما ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا.
ثمّ أتيا رسول الله. وأخبراه. فقال : أصبتما خيرا. وأفلحتما ، فنزلت.
وعن ابن عبّاس (٢) : أنّها نزلت في حيّ بن أخطب وأخيه أبي ياسر بن أخطب.
وقد دخلا على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين قدم المدينة. فلمّا خرجا قيل لحيّ : هو نبيّ.
قال : هو هو.
فقيل : فما له عندك؟
قال : العداوة إلى الموت.
وهو الّذي نقض العهد. وأثار الحرب يوم الأحزاب.
وقيل (٣) : نزلت في كعب بن الأشرف.
(حَسَداً) : علّة ود (٤).
(مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) :
امّا متعلّق بودّ ، أي : تمنّوا ذلك من عند أنفسهم ، وتشبيههم لا من قبل التّديّن والميل مع الحقّ ، أو بحسدا ، أي : حسدا منبعثا من أصل نفوسهم.
__________________
(١) الكشاف ١ / ١٧٦.
(٢) مجمع البيان ١ / ١٨٤.
(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٤) ليس في أ.