وفيها ـ أيضا ـ دلالة على أنّه لا حجّة في إجماع يخلو عن معصوم. وإلّا لجاز لهم أن يقولوا البرهان. إنّا أجمعنا على ما قلنا. فالمتمسّكون بالإجماع المذكور ، أضلّون من محرّفي أهل الكتاب.
(بَلى) : اثبات لما نفوه ، من دخول غيرهم الجنّة.
(مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) :
من (١) أخلص نفسه له ، لا يشرك به غيره ، أو قصده وتوجّهه له ، (وَهُوَ مُحْسِنٌ) في عمله ، (فَلَهُ أَجْرُهُ) الّذي يستوجبه ثابتا ، (عِنْدَ رَبِّهِ) : لا يضيع ولا ينقص.
والجملة جواب «من» ، إن كانت شرطيّة ، وخبرها ، إن كانت موصولة.
و «الفاء» لتضمّن المبتدأ معنى الشّرط. فيكون الرّدّ بقوله «بلى» وحده ، أو يكون «من أسلم» ، فاعلا لفعل محذوف ، أي : بلى يدخلها من أسلم.
ويكون قوله «فله أجره» ، كلاما معطوفا على يدخلها «من أسلم».
(وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١١٢) في الآخرة.
وهذا ظاهر على قول من يقول : أنّه لا يكون على أهل الجنّة خوف ولا حزن في الآخرة. وأمّا على قول من قال : بعضهم يخاف ثمّ يأمن ، فمعناه أنّهم لا يخافون فوت جزاء أعمالهم. لأنّهم يكونون على ثقة ، بأنّ ذلك لا يفوتهم.
[وفي كتاب الاحتجاج (٢) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ حديث طويل ، عن النّبي ـ صلّى الله عليه وآله. وفيه : فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لأصحابه : قولوا (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أي : نعبد واحدا. لا نقول كما قال الدّهريّة : «إنّ الأشياء لا بدو لها وهي دائمة.» ولا كما قال الثّنويّة الّذين قالوا : «إنّ النّور والظّلمة هما المدبّران.» ولا كما قال مشركوا العرب : «إنّ أوثاننا آلهة.» فلا نشرك بك شيئا. ولا ندعو من دونك إلها ، يقول هؤلاء الكفّار. ولا نقول كما تقول النّصارى واليهود : «إنّ لك ولدا.» تعاليت عن ذلك علوّا كبيرا.
قال : فذلك قوله. : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى).
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) الاحتجاج ١ / ٢٥.