عن قول إبراهيم ـ عليه السّلام ـ (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).»] (١)
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ) ، أي : الكعبة ، غلب عليها ، كالنّجم على الثّريّا.
(مَثابَةً لِلنَّاسِ) ، أي : مرجعا يثوب إليه أعيان الزّوّار وأمثالهم. أو موضع ثواب يثابون بحجته واعتماره. أو موضع لا ينصرف منه أحد إلّا وينبغي أن يكون على قصد الرّجوع إليه. وقد ورد في الخبر أنّ من رجع من مكّة وهو ينوى الحجّ ، من قابل زيد في عمره. ومن خرج من مكّة وهو لا ينوي العود إليها ، فقد قرب أجله (٢).
(وَأَمْناً) ، أي : موضع أمن. والحمل للمبالغة. وذلك لأنّه لا يتعرّض لأهله. أو يأمن حاجّه من عذاب الآخرة. لأنّ الحجّ يجبّ ما قبله. أو لا يؤاخذ الجاني الملتجئ إليه.
والحمل على العموم أولى.
[وفي تهذيب الأحكام (٣) : محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، وابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال : فإذا دخلت المسجد ، فارفع يديك ، واستقبل البيت ، وقل اللهمّ (إلى قوله) اللهمّ إنّي أشهدك أنّ هذا بيتك الحرام الّذي جعلته مثابة للنّاس وأمنا مباركا وهدى للعالمين].(٤)
(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) : على إرادة القول ، أو عطف على المقدّر العامل في «إذا» واعتراض معطوف على مضمر تقديره «توبوا اليه واتخذوا» و «مقام إبراهيم» : الحجر الّذي فيها اثر قدميه.
والمراد باتّخاذه مصلّى ، الصّلاة فيه ، بعد الصّلاة ، كما روى عن الصّادق ـ عليه السّلام (٥) ـ أنّه سئل عن الرّجل يطوف بالبيت طواف الفريضة ونسي أن يصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم.
فقال : يصلّيهما. ولو بعد أيّام. إنّ الله تعالى قال : واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) ر. من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٤١ ، ح ٦١٤+ مجمع البيان ١ / ٢٠٣.
(٣) تهذيب الأحكام ٥ / ١٠٠ ، ضمن ح ٣٢٧.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) مجمع البيان ١ / ٢٠٣+ وسائل الشيعة ٩ / ٤٨٥ ، ح ١٩.