الله ـ تبارك وتعالى ـ ما تلقى من أنفاس المشركين (١). فأوحى الله إليها قرّي كعبتي. فإنّي أبعث في آخر الزّمان قوما يتنظّفون بقضبان الشّجر ويتخلّلون.
وفي مجمع البيان (٢) : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : إنّ لله ـ عزّ وجلّ ـ في كلّ يوم وليلة ، عشرين ومائة رحمة ، ينزل على هذا البيت : ستّون منها للطّائفين ، وأربعون للمصلّين (٣) ، وعشرون للنّاظرين].(٤)
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا) : معطوف على «إذ جعلنا.» والإشارة إلى «البلد» أو المكان.
(بَلَداً آمِناً) : ذا أمن ، كقوله تعالى (٥) (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ، أوأمنا أهله ، كقوله : ليله نائم.
والمراد بالبلد ، مكّة.
والمراد بكونه «آمنا» ، أنّه لا يصاد (٦) طيره ، ولا يقطع شجره ، ولا يختلى خلاه ، كما روى عن الصّادق ـ عليه السّلام (٧) ـ أنّه قال : من دخل الحرم ، مستجيرا به (٨) ، فهو آمن من سخط الله ـ عزّ وجلّ. ومن دخله من الوحش والطير ، كان آمنا من أن يهاج ، أو يؤذى ، حتّى يخرج من الحرم.
وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم فتح مكّة (٩) : إنّ الله تعالى حرّم مكّة يوم خلق السّموات والأرض. فهي حرام إلى أن تقوم السّاعة. لم تحلّ لأحد قبلي. ولا تحلّ لأحد بعدي. ولم تحلّ لي إلّا ساعة من النّهار.
فهذا الخبر وأمثاله المشهورة في روايات أصحابنا ، يدلّ على أنّ الحرم كان آمنا قبل دعوة إبراهيم. وإنّما تأكّدت حرمته بدعائه ـ عليه السّلام (١٠). وبعضهم قالوا (١١) : إنّما صار حرما بدعاء إبراهيم. وكان قبل ذلك كسائر البلاد. واستدلّوا عليه بقول النّبيّ ـ صلّى الله عليه
__________________
(١) المصدر : أيدي المشركين وأنفاسهم.
(٢) مجمع البيان ١ / ٢٠٤.
(٣) المصدر : للعاكفين. وأشار في هامش المصدر أنّه في بعض النسخ «للمصلين.»
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) الحاقة / ٢١ والقارعة / ٧.
(٦) أ : يصار.
(٧) الكافي ٤ / ٢٢٦ ، ح ١+ مجمع البيان ١ / ٢٠٦.
(٨) أ : بالله.
(٩) الكافي ٤ / ٢٢٦ ، ح ٤+ مجمع البيان ١ / ٢٠٦.
(١٠) ر. مجمع البيان ١ / ٢٠٦.
(١١) نفس المصدر ونفس الموضع.