قال : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) قال : عنى بذلك من جحد وصيّه ولم يتّبعه من أمّته. وكذلك والله هذه (١) الأمّة] (٢)
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) :
حكاية حال ماضية ، تقديره : واذكر إذ يرفع.
و «القواعد» ، جمع قاعدة. وهي الأساس. صفة غالبة. ومعناها الثّابتة. ومنه قعدك الله ، أي : أسأل الله أن يقعدك ، أي : يثبتك. ورفعها البناء عليها. لأنّها إذا بني عليها ، نقلت عن هيئة الانخفاض ، إلى هيئة الارتفاع. وتطاولت بعد التّقاصر. ويحتمل أن يراد بها ساقات البناء. فإنّ كلّ ساق قاعدة ، يوضع فوقه ، ويرفعها بناؤها. لأنّه إذا وضع ساق فوق ساق ، فقد رفع السّاقات.
ويجوز أن يكون المعنى : وإذ يرفع إبراهيم ما قعد من البيت ، أي : استوطأ ، يعني : جعل هيئة القاعدة المستوطأة مرتفعة عالية بالبناء.
وقيل (٣) : المراد ، رفع مكانته ، وإظهار شرفه بتعظيمه ، ودعاء النّاس إلى حجّه.
روى عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ أنّه قد كان آدم بناه. ثمّ عفا أثره. فجدّده إبراهيم ـ عليه السّلام (٤).
وقال مجاهد (٥) : بل انشأه إبراهيم ـ عليه السّلام ـ بأمر الله ـ عزّ وجلّ.
وكان الحسن (٦) يقول (٧) : أوّل من حجّ البيت إبراهيم.
وفي أكثر الرّوايات ، أنّ أوّل من حجّ البيت آدم ـ عليه السّلام (٨).
ويمكن الجمع ، بأنّه كان مطاف آدم البيت المعمور ومطاف إبراهيم الكعبة : كما روى أنّ الله تعالى أنزل البيت ياقوتة من يواقيت الجنّة له بابان من زمرد شرقيّ وغربيّ.
وقال لآدم أهبطت لك ما يطاف به ، كما يطاف حول عرشي. فتوجّه آدم من أرض الهند
__________________
(١) المصدر : حال هذه.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٨٢.
(٤) ر. الكافي ٤ / ١٩٠ ـ ٢١٢+ مجمع البيان ١ / ٢٠٧.
(٥) مجمع البيان ١ / ٢٠٧.
(٦) النسخ : الحسن ـ عليه السّلام. والظاهر يراد به الحسن المجتبى ـ صلوات الله عليه ـ ولكن مستظهر من ظاهر الكلام ، في المصدر ، هو الحسن البصري.
(٧) مجمع البيان ١ / ٢٠٧.
(٨) ر. علل الشرائع ١ / ٤٠٠ و ٤٢٠.