قلت : فما الحجّة في أمّة محمّد أنهم أهل بيته الّذين ذكرت دون غيرهم؟
قال : قال الله (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ : رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فلمّا أجاب الله إبراهيم وإسماعيل ، وجعل من ذرّيّتهما أمّة مسلمة ، وبعث فيها رسولا منها ، يعنى : من تلك الأمّة ، يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، ردف إبراهيم دعوته الأولى ، بدعوته الأخرى. فسأل لهم تطهيرا من الشّرك ومن عبادة الأصنام ، ليصحّ أمره فيهم ولا يتّبعوا غيرهم.
فقال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ. فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). فهذه دلالة على أنّه لا يكون الأئمّة والأمّة المسلمة الّتي بعث فيها محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلّا من ذرّيّة إبراهيم ، لقوله (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)].(١)
(رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ) : في الأمّة المسلمة ، (رَسُولاً مِنْهُمْ) ولم يبعث من ذرّيّتهما غير محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فهو المجاب به ، دعوتهما ، كما قال ـ صلّى الله عليه وآله (٢) : أنا دعوة أبي إبراهيم ـ عليه السّلام ، وبشرى عيسى ـ عليه السّلام ـ يعني : قوله (٣) (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)) ورؤيا أمّي وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف من بني زهرة. رأت في المنام أنّها وضعت نورا ، ضاء به قصور الشّام من بصرى.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وأمّا قوله (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) (الآية) فأنّه يعني ولد إسماعيل ـ عليه السّلام. ولذلك قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنا دعوة أبي إبراهيم.
وفي الخصال (٥) ، عن أبي أمامة. قال : قلت : يا رسول الله! ما كان بدء أمرك؟
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) تفسير القمي ١ / ٦٢+ مجمع البيان ١ / ٢١٠+ الكشاف ١ / ١٨٨+ بحار الأنوار ١٥ / ٢٥٦ ، ح ٨ و ٢٧١ ، ح ١٦.
(٣) الصّف / ٦.
(٤) تفسير القمي ١ / ٦٢.
(٥) الخصال / ١٧٧ ، ح ٢٣٦.