(وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (١٣٩) : موحّدون. نخلصه بالإيمان والطّاعة ، دونكم.
والحاصل ، أنّ إعطاء الكرامة إمّا بالتّفضّل وكونه ربا ، أو بالعمل ، أو بالإخلاص. والأوّلان مشتركان بيننا وبينكم. والأخير مختصّ بنا. فدعواكم الأحقّيّة ، ساقطة. لا وجه لها. بل نحن أحقّ.
(أَمْ تَقُولُونَ) : يحتمل على قراءة التّاء ، أن تكون «أم» ، معادلة للهمزة ، في «أتحاجّوننا» بمعنى أي الأمرين تأتون المحاجّة في حكم الله؟ أم ادّعاء اليهوديّة والنّصرانيّة على الأنبياء؟ والمقصود إنكارهما والتّوبيخ عليهما معا. وأن تكون منقطعة بمعنى «بل أتقولون».
والهمزة على قراءة الياء ، لا تكون إلّا منقطعة.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى) ولم يكونوا مسلمين؟
(قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) وأنّه شهد لهم بالإسلام ، في قوله (١) (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً).
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) ، أي : شهادة الله لإبراهيم بالحنيفيّة.
و «من» فيه ، كما في قولك : «هذه شهادة منّي لفلان» ، إذا شهدت له.
والمعنى أنّ أهل الكتاب ، لا أحد أظلم منهم. لأنّهم كتموا هذه الشّهادة وهم عالمون بها. أو أنّا لو كتمنا هذه الشّهادة ، لم يكن أحد أظلم منّا. فلا نكتمها. أو الأعمّ من المعنيين. وفي الأخيرين تعريض بكتمانهم شهادة الله لمحمّد ـ عليه السّلام ـ بالنّبوّة ، في كتبهم.
والآية تدلّ على كفر من كتم شهادة الله بالولاية ، وعلى كفر أهل الخلاف.
تقريره أنّ نصّ النّبيّ على شيء ، شهادة الله عليه. فكتمان نصّ النّبيّ ، كتمان شهادة الله وكتمان شهادة الله ، أشدّ الظّلم. فهو إمّا الكفر ، أو أشدّ منه. وعلى كلا التّقديرين ، يلزم المدّعي. ويدلّ عليه – أيضا ـ ما رواه في الفقيه (٢) ، عن الحسن بن محبوب [عن أبى أيّوب ،] (٣) عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في أثناء خبر. قال :
__________________
(١) آل عمران / ٦٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٧٦ ، ح ٢٣٦.
(٣) يوجد في المصدر.