بيت المقدس لم يزل كان قبلة الأنبياء ، فهو أولى بأن يكون قبلة ، أي : فكما جاز أن يخالف بين جهتيهم للاستصلاح ، [جاز أن يخالف بجهة ثالثة في زمان آخر للاستصلاح].(١) (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) على سبيل الفرض والتّقدير.
(إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (١٤٥) : أكّد تهديده وبالغ فيه من سبعة أوجه ، تعظيما للحقّ المعلوم ، وتحريضا على اقتفائه ، وتحذيرا عن متابعة الهوى ، وتأكيدا للاجتناب عنه.
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ، يعني : علماءهم.
(يَعْرِفُونَهُ) :
قيل (٢) : الضّمير لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، أو للعلم ، أو القرآن ، أو التّحويل.
(كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) ، أي : يعرفون بأوصافه ، كمعرفة أبنائهم. لا يلتبسون عليهم بغيرهم.
وفي أصول الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه رفعه ، عن محمّد بن داود الغنويّ ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. فيه يقول ـ عليه السّلام : فأمّا أصحاب المشئمة ، فهم اليهود والنّصارى.
يقول الله ـ عزّ وجلّ : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ). يعرفون محمّدا والولاية في التوراة والإنجيل ، كما يعرفونه أبناءهم في منازلهم. (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أنّك الرّسول إليهم. (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) ، يعني : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ). لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ [قد] (٥) أنزل عليهم في التوراة
__________________
(١) ليس في ر.
(٢) ر. أنوار التنزيل ١ / ٨٩.
(٣) الكافي ٢ / ٢٨٣ ، ح ١٦.
(٤) تفسير القمي ١ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٥) يوجد في المصدر.