وعن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله (١) : يقول الله تعالى : أنّي والإنس والجنّ في نبأ عظيم ، أخلق. ويعبد غيري وأرزق. ويشكر غيري.
(إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) أكلها والانتفاع بها. وهي الّتي ماتت من غير ذكاة.
والحرمة المضافة إلى العين ، تفيد عرفا حرمة التّصرّف فيها مطلقا ، إلّا ما استثني ، كما سيجيء.
(وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) :
إنّما خصّ اللّحم بالذّكر ، لأنّه معظم ما يؤكل من الحيوان وسائر أجزائه كالتّابع له.
(وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) ، أي : رفع به الصّوت عند ذبحه للصّنم.
والإهلال ، أصله ، رؤية الهلال. لكن لما جرت العادة أن يرفع الصّوت بالتّكبير ، إذ رئي ، سمّي ذلك إهلالا. ثمّ قيل لرفع الصّوت ، وإن كان لغيره.
وفي كتاب عيون أخبار الرّضا ـ عليه السّلام (٢) ـ في باب ذكر ما كتب به الرّضا ـ عليه السّلام ـ إلى محمّد بن سنان ، في جواب مسائله من العلل : وحرّم الميتة لما فيها من فساد الأبدان والآفة. ولمّا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يجعل سبب التّحليل (٣) وفرقا بين الحلال والحرام.
وحرّم الله الدّم ، كتحريم الميتة ، لما فيه من فساد الأبدان. ولأنّه يورث الماء الأصفر ويبخر الفم وينتن الرّيح ويسيء الخلق ويورث القسوة للقلب وقلّة الرّأفة والرّحمة ، حتّى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالده وصاحبه.
وحرّم الخنزير لأنّه مشوّه جعله الله تعالى عظة للخلق وغيره وتخويفا ودليلا على ما مسخ على (٤) خلقته لأنّ غذاءه أقذر الأقذار ، مع علل كثيرة. وكذلك حرّم القرد (٥). لأنّه مسخ مثل الخنزير. وجعل عظة وعبرة للخلق ، دليلا على ما مسخ على خلقته وصورته.
وجعل فيه شبها من الإنسان ليدلّ على أنّه من الخلق المغضوب عليه.
وحرّم ما أهل به لغير الله للّذي أوجب الله ـ عزّ وجلّ ـ على خلقه من الإقرار به
__________________
(١) الكشاف ١ / ٢١٤+ أنوار التنزيل ١ / ٩٦.
(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، ح ١.
(٣) المصدر : سببا للتحليل. (ظ)
(٤) ر : من.
(٥) النسخ : القردة.