(رَحِيمٌ) (١٧٣) ، بالرّخصة فيه.
فإن قلت : إنّما يفيد القصر على ما ذكر ، وكم من محرّم لم يذكر.
قلت : المراد ، قصر الحرمة على ما ذكر ممّا استحلّوه ، لا مطلقا ، أو قصر حرمته على حال الاختيار. كأنّه قيل : إنّما حرّم عليكم هذه الأشياء ، ما لم تضطرّوا إليها.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) : عوضا حقيرا ، (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) : إمّا في الحال ، لأنّه أكلوا ما يتسبّب إلى النّار. أو في المآل ، أي : يوم القيامة.
ومعنى «في بطونهم» ملئ بطونهم. يقال : أكل في بطنه ، وأكل في بعض بطنه.
(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : عبارة عن غضبه عليهم.
(وَلا يُزَكِّيهِمْ) : ولا يثني عليهم.
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). (١٧٤) (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) في الدّنيا.
(وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ) في الآخرة ، بكتمان الحقّ.
(فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (١٧٥) :
تعجّب من حالهم ، في الالتباس بموجبات النّار ، من غير مبالاة.
و «ما» تامّة مرفوعة بالابتداء. وتخصيصها كتخصيص شرّ أهرّ ذا ناب ، أو استفهاميّة وما بعدها الخبر ، أو موصولة وما بعدها صلة. والخبر محذوف.
وفي أصول الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) فقال : ما أصبرهم على فعل ما يعملون أنّه يصيّرهم إلى النّار.
وفي مجمع البيان (٢) : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) ، فيه أقوال : أحدها ـ أنّ معناه ما أجرأهم على النّار ، رواه عليّ بن إبراهيم بإسناده ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٦٨ ، ح ٢.
(٢) مجمع البيان ١ / ٢٥٩.