والثّاني ـ ما أعملهم بأعمال أهل النّار. وهو المرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام.
(ذلِكَ) ، أي : العذاب ، (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) ، أي : بسبب أنّ الله نزّل الكتاب بالحقّ ، فرفضوه بالكتمان والتّكذيب.
(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) :
الّلام فيه إمّا للجنس واختلافهم إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض آخر ، أو للعهد.
والإشارة ، إمّا إلى التوراة ، و «اختلفوا» بمعنى تخلّفوا. عن المنهج المستقيم ، في تأويلها ، أو خلّفوا خلاف ما أنزل الله مكانه ، أي : حرّفوا فيها ، أو «اختلفوا» بمعنى أنّ بعضهم آمنوا به وبعضهم حرّفوه عن مواضعه ، وإمّا إلى القرآن. واختلافهم قولهم سحر وتقوّل وكلام علّمه بشر وأساطير الأوّلين.
(لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (١٧٦) : لفي خلاف بعيد عن الحق (١).
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) :
«البرّ» ، كلّ فعل مرضيّ.
والخطاب لأهل الكتاب. فإنّهم أكثروا الخوض في أمر القبلة ، حين حوّلت.
وادّعى كلّ طائفة أنّ البرّ هو التّوجّه إلى قبلته. فردّ الله عليهم. وقال ليس البرّ ما أنتم عليه.
فإنّه منسوخ. ولكن البرّ ما نبيّنه واتّبعه المؤمنون.
وقيل (٢) : عامّ لهم وللمسلمين ، أي : ليس البرّ مقصورا بأمر القبلة ، أو ليس البرّ العظيم الّذي يحسن أن تذهلوا بشأنه عن غيره أمرها. وقرأ حمزة وحفص : ليس البرّ (بالنّصب (٣).) (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ) ، أي : ولكنّ البرّ الّذي ينبغي أن يهتمّ به ، برّ من آمن ، أو لكنّ ذا البرّ من آمن. ويؤيّده قراءة : ولكنّ البارّ.
والمراد بالكتاب ، الجنس ، أو القرآن.
__________________
(١) «عن الحق» ، ليس في أ.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٩٧.
(٣) «البرّ» هو منصوب. فعلى أيّ شيء نصبه حمزة وحفص. وهل المقصود في النصب ، الإقامة والرفع؟