أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن سماعة (١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) ، ما ذلك الشيء؟
فقال : هو الرجل يقبل الدّية. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ الرجل الّذي له الحقّ ، أن يتّبعه بمعروف ، ولا يعسره. وأمر الّذي عليه الحقّ ، أي يؤدّي إليه بإحسان ، إذا أيسر.
(ذلِكَ) ، أي : الحكم المذكور في العفو والدّية ، (تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) لما فيه من التّسهيل والنّفع.
وقيل (٢) : كتب على اليهود القصاص ، وحده ، وعلى النّصارى العفو ، مطلقا.
وخيّرت هذه الأمّة بينهما ، وبين الدّية ، تيسيرا عليهم.
(فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٨) :
وفي الحديث السّابق (٣) : قال سماعة : قلت : أرأيت قوله ـ عزّ وجلّ ـ (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
قال : هو الرّجل ، يقبل الدّية ، أو يصالح ، ثمّ يجيء بعد ، فيمثّل ، أو يقتل. فوعده الله عذابا أليما.
عليّ بن ابراهيم (٤) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
فقال : هو الرّجل يقبل الدّية ، أو يعفو ، أو يصالح ، ثمّ يعتدي ، فيقتل. فله عذاب أليم ، كما قال الله ـ عزّ وجلّ.
(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) :
كلام في غاية الفصاحة والبلاغة. من حيث جعل الشيء محلّ ضدّه. وعرّف القصاص ونكّر الحياة ، ليدلّ على أنّ في هذا الجنس من الحكم ، نوعا من الحياة عظيما.
(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ) يحتمل أن يكونا خبرين «لحياة» ، وأن يكون أحدهما خبرا
__________________
(١) نفس المصدر ٧ / ٣٥٩ ، ح ٣.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٩٩.
(٣) الكافي ٧ / ٣٥٩ ، ح ٣.
(٤) نفس المصدر ٧ / ٣٥٨ ، ح ١.