فإن قال : فلم أمروا بصوم شهر رمضان لا أقلّ من ذلك ولا أكثر؟
قيل : لأنّه قوّة العباد (١) الّذي يعمّ في القويّ والضّعيف. وإنّما أوجب الله تعالى الفرائض على اغلب الأشياء وأعظم (٢) القوى. ثمّ رخّص (٣) لأهل الضّعف. ورغّب أهل القوّة في الفضل. ولو كانوا يصلحون على أقلّ من ذلك ، لنقصهم. ولو احتاجوا إلى أكثر من ذلك ، لزادهم.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) مؤقّتات بعدد معلوم ووقت معيّن ، أو قلائل. فإنّ القليل من المال يعدّ عدّا. والكثرة يهال هيلا.
ونصبها بإضمار «صوموا» أو ب «كما كتب» على الظّرفيّة ،. أو بأنّه مفعول ثان على السّعة. وليس بالصّيام للفصل بينهما.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) مرضا يضرّه الصّوم ، (أَوْ عَلى سَفَرٍ) : أو راكب سفر ، (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، أي : فعليه صوم عدد أيّام المرض والسّفر ، من أيّام أخر.
وهذا على الوجوب.
في من لا يحضره الفقيه (٤) ، روي عن الزّهريّ. أنّه قال : قال لي عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ ونقل حديثا طويلا ، يقول فيه ـ عليه السّلام : وأمّا صوم السّفر والمرض ، فانّ العامّة اختلفت فيه. فقال قوم : يصوم. وقال قوم : لا يصوم. وقال قوم : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر. وأمّا نحن فنقول : يفطر في الحالتين ـ جميعا. فإن صام في السّفر أو في حال المرض ، فعليه القضاء في ذلك. لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن أبي بصير. قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه في الإفطار ، كما يجب عليه في السّفر [في] (٦) قوله (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ).
قال : هو مؤتمن عليه. مفوّض اليه. فإن وجد ضعفا. فليفطر. وإن وجد قوّة
__________________
(١) المصدر : العبادة.
(٢) المصدر : وأعم. (ظ)
(٣) كذا في المصدر : وفي النسخ : خصّ.
(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٨ ، ح ٢٠٨.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٨١ ، ح ١٨٨.
(٦) يوجد في المصدر.