(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) :
قيل (١) : قاتلهم المشركون عام الحديبية ، في ذي القعدة. واتّفق خروجهم لعمرة القضاء فيه. فكرهوا أن يقاتلوهم فيه ، لحرمته. فقيل لهم : هذا الشّهر بذاك. وهتكه بهتكه.
فلا تبالوا به.
(وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) ، أي : كلّ حرمة يجرى فيها القصاص : فلمّا هتكوا حرمة شهركم بالصّدّ ، فافعلوا مثله.
وفي مجمع البيان (٢) : والحرمات قصاص ، قيل (٣) : [فيه قولان : أحدهما ـ أنّ الحرمات قصاص بالمراغمة] (٤) بدخول البيت في الشّهر الحرام.
قال (٥) مجاهد : لأنّ قريشا فخرت بردّها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عام الحديبية ، محرما في ذي القعدة ، عن البلد الحرام. فأدخله الله ـ عزّ وجلّ ـ مكّة في العام المقبل ، في ذي القعدة. فقضى عمرته. واقتصّه (٦) بما حيل بينه وبينه.
قال (٧) : وروى عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله.
وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن العلا بن فضيل قال : سألته عن المشركين ، أيبتدئهم (٩) المسلمون بالقتال في الشّهر الحرام؟
فقال : إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم ، ثمّ رأى المسلمون انّهم يظهرون عليهم فيه. وذلك قوله (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ).
(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ) في الحرم ، (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) في الحرم.
وفي تهذيب الأحكام (١٠) : موسى بن القسم ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : رجل قتل رجلا في الحرم. وسرق في الحرم.
فقال : يقام عليه الحدّ وصغار له. لأنّه لم ير للحرم حرمة. وقد قال الله تعالى :
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٠٦.
(٢) مجمع البيان ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٣) ليس في ر.
(٤) ليس في أ.
(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٦) أ : أقتضاه. المصدر : أقصه.
(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٨) تفسير العياشي ١ / ٨٦ ، ح ٢١٥.
(٩) أو المصدر : أيبتدء بهم.
(١٠) تهذيب الأحكام ٥ / ٤١٩ ، ح ١٤٥٦.