حتّى تهالكوا عليها وأعرضوا عن غيرها.
وفي وصفهم بالكفر ، إشعار بأنّ لذلك الوصف دخلا في التّزيين. وهو كذلك لأنّهم بسبب دين الكفر وقساوته صارت طبائعهم أميل إلى ما تشتهيه القوّة الحيوانيّة وغفلوا عن المثوبات الأخرويّة.
[وفي مجمع البيان (١) : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا) ، فإنّ الإنسان إنّما يكلّف بأن يدعى إلى شيء تنفر نفسه عنه ، أو يزجر عن تتوق شيء نفسه إليه. وهذا معنى
قول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : حفّت الجنّة بالمكاره. وحفّت النّار بالشّهوات].(٢)
(وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) : يريد فقراء المؤمنين ، كبلال وعمّار وصهيب ، أي : يسترذلونهم ، أو يستهزؤن بهم على رفضهم الدّنيا وإقبالهم على العقبى.
و «من» للابتداء. كأنّهم جعلوا السّخرية مبتدئة منهم.
(وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ). لأنّهم في أعلى علّييّن وهم في أسفل السّافلين. أو لأنّهم في كرامة وهم في مذلّة. أو لأنّهم يتطاولون عليهم فيسخرون منهم كما سخروا منهم في الدّنيا. وإنّما قال : (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا) ، بعد قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) ليدلّ على أنّهم متّقون. وأنّ استعلاءهم للتّقوى.
(وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) في الدّارين ، (بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢١٢) : بغير تقدير. فيوسع في الدّنيا استدراجا ، تارة ، وابتلاء أخرى.
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) : كلّهم ضلّالا ، قبل نوح.
(فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) :
عن كعب (٣) : الّذي علمته من عدد الأنبياء ، مائة وأربعة وعشرون ألفا. والمرسل منهم ، ثلاثمائة وثلاثة عشر. والمذكور في القرآن باسم العلم ، ثمانية وعشرون.
(وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ) : يريد به الجنس. ولا يريد به أنّه أنزل مع كلّ واحد كتابا يخصّه. فإنّ أكثرهم لم يكن لهم كتاب يخصّهم. وإنّما يأخذون بكتاب من قبلهم.
(بِالْحَقِ) : حال من الكتاب ، أي : متلبّسا بالحقّ ، شاهرا به.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٣٠٥.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١١٣.