غرض لنا في التّخلف عن القتال وقد عرض ما يوجبه من الإخراج عن الأوطان والإفراد عن الأولاد؟ وذلك أنّ جالوت ومن معه من العمالقة ، كانوا يسكنون ساحل بحر الرّوم ، بين مصر وفلسطين. فظهروا على بني إسرائيل. فأخذوا ديارهم. وسبوا أولادهم.
قيل (١) : وأسروا من أبناء الملوك ، أربعمائة وأربعين.
(فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) :
في كتاب معاني الأخبار (٢) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن النّعمان ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) قال : كان القليل ستّين ألفا.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٢٤٦) : وعيد لهم بترك الجهاد.
(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) :
«طالوت» علم عبريّ ، كداود. وجعله فعلوتا من الطّول ، يدفعه منع صرفه.
نقل (٣) أنّ نبيّهم ـ عليه السّلام ـ لمّا دعى الله أن يملّكهم ، أتى بعصى يقاس بها من يملك عليهم. فلم يساوها إلّا طالوت.
(قالُوا : أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا). [وكانت النّبوّة في ولد لاوي ابن يعقوب والملك في ولد يوسف. وكان طالوت] من ولد بنيامين (٤) ، أخي يوسف لأمّه لم يكن من بيت النبوّة ولا من بيت المملكة.
(وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) : وراثة.
(وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) لأنّ طالوت كان فقيرا. فنحن أحقّ بالملك منه.
(قالَ) : النّبيّ ـ عليه السّلام : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢٤٧) :
الأوّل أنّ المعتبر اصطفاء الله. وقد اصطفاه عليكم ، الثّاني ـ أنّ الشّرط فيه وفور العلم ، ليتمكّن من السّياسة وجسامة البدن ، ليكون
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.
(٢) معاني الأخبار ١٥١ ، ح ١.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.
(٤) النسخ : ابن يامين.