وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام : أنّ بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي (٢) وغيّروا دين الله وعتوا عن أمر ربّهم. وكان فيهم نبيّ يأمرهم وينهاهم. فلم يطيعوه. وروى أنّه إرميا النّبيّ فسلّط الله عليهم جالوت. وهو من القبط.
فاذلّهم. وقتل رجالهم. وأخرجهم من ديارهم وأموالهم. واستعبد نساءهم. ففزعوا إلى نبيّهم. وقالوا : سل أن الله (٣) يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله.
وكانت النّبوّة في بني إسرائيل في بيت ، والملك والسّلطان في بيت آخر. لم يجمع الله لهم (النّبوّة والملك) في بيت واحد. فمن ذلك قالوا : (ابْعَثْ لَنا [مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ). فقال لهم نبيّهم : (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا. قالُوا : وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا).
وكان كما قال الله ـ تبارك وتعالى : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)].(٤) فقال (لَهُمْ نَبِيُّهُمْ : إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً). فغضبوا من ذلك.
و (قالُوا : أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا. وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ. وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ).
وكانت النّبوّة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف. وكان طالوت من ولد بنيامين (٥) أخي (٦) يوسف لأمّه. لم يكن من بيت النّبوّة ولا من بيت المملكة.
فقال لهم نبيّهم : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ). وكان أعظمهم جسما. وكان شجاعا قويّا. وكان أعلمهم. إلّا أنّه كان فقيرا. فعابوه بالفقر. فقالوا : (لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ).
فقال لهم نبيّهم : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ). وكان التّابوت الذي أنزل (٧) على موسى ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ٨١ ـ ٨٢.
(٢) المصدر : المعاصي.
(٣) المصدر : سل الله. (ظ)
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(٥) النسخ والمصدر : ابن يامين.
(٦) النسخ : أخو.
(٧) المصدر : أنزل الله.