فوضعته فيه أمّه ، فألقته (١) في اليمّ. فكان في بني إسرائيل [معظّما].(٢) يتبرّكون به. فلمّا حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه (٣) وما كان عنده من آيات النّبوّة. وأودعه يوشع ، وصيّه. فلم يزل التّابوت بينهم استخفّوا (٤). وكان الصّبيان يلعبون به في الطّرقات. فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التّابوت عندهم. فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتّابوت ، رفعه الله عنهم.
فلمّا سألوا النّبيّ بعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل (٥) معهم ، ردّ الله عليهم التّابوت ، كما قال الله : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ. فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) قال : البقيّة ذرّيّة الأنبياء قوله فيه سكينة من ربّكم. فإنّ التّابوت كان يوضع بين يدي العدوّ وبين المسلمين ، فيخرج منه ريح طيّبة ، لها وجه كوجه الإنسان.
وما في هذا الخبر من أنّ ذلك النّبيّ إرميا ، ينافي ما نقل
في مجمع البيان (٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه اسمويل. ويمكن الجمع بأنّهما واحد. والاختلاف من النّقلة ، أو من اختلاف التّسمية ، بأن عبّر عنه باسمين عند أهل زمانه. وقوله في آخر الخبر «البقيّة ذرّيّة الأنبياء» معناه أنّ البقيّة ممّا تركه ذرّيّة الأنبياء
، كما يشرح في خبر آخر سيجيء.
(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) :
الصّندوق ، فعلوت من التّوب. فإنّه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه ، وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن العبّاس بن هلال ، قال : سأل عليّ بن أسباط أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ فقال : أي شيء التّابوت الّذي كان في بني إسرائيل؟
قال : كان فيه ألواح موسى التي تكسّرت والطست الّتي تغسل فيها قلوب الأنبياء.
وفي كتاب معاني الأخبار (٨) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرّحمن ، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام قال : سألته (٩) ما كان تابوت موسى؟ وكم كان سعته؟
__________________
(١) المصدر : وألقته. (ظ)
(٢) يوجد في المصدر.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) المصدر : حتّى استخفّوا به.
(٥) المصدر : بعث الله طالوت عليهم يقاتل.
(٦) مجمع البيان ١ / ٣٥٠.
(٧) تفسير العياشي ١ / ١٣٣ ، ح ٤٤٢.
(٨) معاني الأخبار / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ، ح ٢. (٩) المصدر : قال : سألته فقلت : جعلت فداك.