طرفا منه. فمشيت رويدا.
فقال : قف ، يا جابر! فحرّك الخيط تحريكا ليّنا خفيفا.
ثمّ قال : اخرج! فانظر ما حال النّاس؟
فخرجت من المسجد. فإذا صياح وصراخ وولولة من كلّ ناحية. وإذا زلزلة شديدة وهدّة ورجفة قد أخربت عامّة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان ـ إلى قوله ـ سألته عن الخيط.
قال : هذا من البقيّة.
قلت : وما البقيّة؟ يا ابن رسول الله! قال : يا جابر «بقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة» ويضعه جبرئيل الدنيا (١).
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢٤٨) :
يحتمل أن يكون من تمام كلام النّبيّ ، وأن يكون ابتداء خطاب من الله تعالى.
(فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) : [انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة. وأصله فصل نفسه عنه. ولكن لمّا كثر حذف مفعوله صار كاللازم.
قيل (٢) : إنّه قال لهم : «لا يخرج معي إلّا الشّابّ النّشيط الفارغ.» فاجتمع إليه ممّن اختاره ثمانون ألفا.
والأظهر أنّه اجتمع إليه ستّون ألفا وثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. لما سيأتي من أنّ من شرب ستّون ألفا ، ومن لم يشرب ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان الوقت قيظا.
فسلكوا مفازة. وسألوا أن يجري الله لهم نهرا.
(قالَ) ، أي : نبيّهم.
(إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) : يعاملكم معاملة المختبر بما اقترحتموه.
(فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) : فليس من أشياعي ، أو بمتّحد معي.
(وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) ، أي : من لم يذقه من طعم الشيء إذا أذاقه (٣) ، مأكولا أو مشروبا.
__________________
(١) هكذا في المصدر والنسخ. والظاهر : لدينا.
(٢) الكشاف ١ / ٢٩٤+ أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.
(٣) كذا في النسخ. ولعله : ذاقه.