(قالَ : أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ). (٦٧) :
لأنّ الهزء في مقام الإرشاد ، جهل وسفه.
والعياذ واللّياذ ، من واد واحد.
(قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) :
لمّا رأوا ما أمروا به على حال لم يوجد بها شيء من جنسه ، أجروه مجرى ما لم يعرفوا حقيقته ، فسألوا عنها بما المطلوبة بها الحقيقة. وإلّا ، فالمقصود ، بيان الحال والصّفة.
(قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) : لا مسنّة ولا فتيّة.
يقال فرضت البقرة فروضا ، من الفرض وهو القطع ، كأنّها فرضت سنّها.
وتركيب البكر للأوّليّة. ومنه البكرة والباكورة.
(عَوانٌ) : نصف.
قال الطّرمّاح :
طوال مثل أعناق الهوادي |
|
نواعم بين أبكار وعون |
(بَيْنَ ذلِكَ) ، أي : ما ذكر من الفارض والبكر. ولذلك أضيف إليه البين. فإنّه لا يضاف إلّا إلى متعدّد.
وفي رواية العيّاشيّ ، (١) مرفوعا إلى الرّضا ـ عليه السّلام : أنّهم لو ذبحوا أي بقرة أرادوا ، لأجزأتهم. ولكن شدّدوا على أنفسهم ، فشدّد الله عليهم.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة. فلا يلزمه تأخير البيان ، عن وقت الحاجة.
قيل (٢) : ويلزمه النّسخ ، قبل الفعل. فإنّ التّخصيص ، أو التّقييد ، إبطال للتّخيير الثّابت بالنّصّ. وفيه نظر. لأنّ كون التّخيير فيه ، حكما شرعيّا ممنوع ، إذ الأمر بالمطلق لا يدلّ إلّا على إيجاب ماهيّته من حيث هي بلا شرط. لكن لمّا لم تتحقّق الماهيّة من حيث هي ، إلا في ضمن فرد معيّن ، جاء التّخيير ، عقلا من غير دلالة النّصّ عليه.
(فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) (٦٨) أي : ما تؤمرونه ، يعني : ما تؤمرون به. فحذف الجار.
وأوصل الفعل. ثمّ حذف العائد المنصوب من قوله :
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نسب |
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ٤٦ ، ح ٥٧.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.