رضا لله ـ عزّ ذكره. وما كان الله ليفتن أمّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ من بعده.
فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام : او ما يقرءون كتاب الله؟ أو ليس الله يقول (١) : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)؟
قال : قلت : إنّهم يفسّرون على وجه آخر.
قال : أو ليس من أخبر الله ـ عزّ وجلّ ـ عن الّذين من قبلهم من الأمم ، أنّهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات ، [حيث قال : (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ. وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ، مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ].) (٢) (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا. وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ)؟ في هذا يستدلّ به على أنّ أصحاب محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد اختلفوا من بعده. فمنهم من آمن. ومنهم من كفر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) : ما أوجب عليكم إنفاقه ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) : وهو يوم القيامة الّذي لا بيع فيه ، فيحصل ما ينفق بالبيع ، أو يفتدى النّفس ويخلص من العذاب ، بإعطاء شيء وشرائها ، ولا خلّة حتّى يستغنى بالأخلّاء ، ولا شفاعة إلا لمن رضى له قولا حتّى يتّكل على الشّفعاء.
(وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢٥٤) : يريد التّاركون للزكاة الّذين ظلموا أنفسهم ، أو (٣) وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه على غير وجهه. فوضع الكافرون موضعه تغليظا وتهديدا ، كقوله : «(وَمَنْ كَفَرَ) ، مكان من لم يحجّ ، وإيذانا بأن ترك الزّكاة من صفات الكفّار لقوله : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ).
وفي من لا يحضره الفقيه (٤) : وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم. وهو قوله ـ عزّ وجلّ (٥). (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).
واعلم! أنّ الأخبار في فضل آية الكرسيّ كثيرة. فمنها ما مرّ في صدر الكتاب. ومنها
__________________
(١) آل عمران / ١٤٤.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) ر : و. (ظ)
(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٧ ، ح ٢١.
(٥) المؤمنون / ٩٩.