وهما جميعا غيبان. وهما في الغيب مقرونان. لأنّ «الكرسيّ» هو الباب الظّاهر من الغيب الّذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلّها. و «العرش» هو الباب الباطن الّذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحدّ والأين والمشيئة وصفة الإرادة وعلم الألفاظ والحركات والتّرك وعلم العود والبداء (١). فهما في العلم بابان مقرونان. لأنّ ملك العرش سوى ملك الكرسيّ. وعلمه أغيب من علم الكرسيّ. فمن ذلك قال (٢) : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ، أي : صفته أعظم من صفة الكرسيّ. وهما في ذلك مقرونان.
وقيل (٣) : «الكرسيّ جسم بين يدي العرش. ولذلك سمّي كرسيّا. محيط بالسّموات السّبع» ، لمارواه في كتاب التّوحيد (٤) ، بإسناده عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث طويل ، يذكر فيه عظمة الله ـ جلّ جلاله ـ يقول فيه ـ عليه السّلام ـ بعد أن ذكر الأرضين السّبع ثمّ السّموات السّبع والبحر المكفوف وجبال البرد : وهذه السّبع والبحر المكفوف والحجب (٥) عند الهواء الّذي تحار فيه القلوب ، كحلقة في فلاة قيّ. والسّبع والبحر المكفوف وجبال البرد (والهواء والحجب) في الكرسيّ ، كحلقة في فلاة قيّ. ثمّ تلا هذه الآية : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ. وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
وفي روضة الكافي (٦) ، بإسناده إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ مثله.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدّثني أبي ، عن بن سويد ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، أيّما أوسع ، الكرسيّ أو السّموات؟
قال : لا بل الكرسيّ وسع السّموات والأرض والعرش. وكلّ شيء خلق الله في الكرسيّ.
حدّثني أبي (٨) ، عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن طريف ، عن] (٩) الأصبغ بن
__________________
(١) المصدر : البدء.
(٢) التوبة / ١٢٩.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٣٣.
(٤) التوحيد / ٢٧٧ ، ح ١.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : الهواء والحجب.
(٦) الكافي ٨ / ١٥٣ ، ح ١٤٣.
(٧) تفسير القمي ١ / ٨٥.
(٨) نفس المصدر نفس الموضع.
(٩) بين المعقوفتين ليس في أ.