وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : إذا زنى الرّجل فارقه روح الإيمان.
قال : فقال : هذا مثل قول الله ـ عزّ وجلّ : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ). ثمّ قال غير هذا ، أبين منه. ذلك قول الله ـ عزّ وجلّ (٢) : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ). هو الّذي فارقه.
(وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) ، أي : وحالكم أنّكم لا تأخذونه في حقوقكم.
(إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) : إلّا أن تتسامحوا فيه. مجاز من أغمض بصره ، إذا غضّه (٣).
وقرئ من باب التّفعيل ، أي : تحملوا على الإغماض ، أو توجدوا مغمضين.
وفي الكافي (٤) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، قال : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا أمر بالنّخل أن يزكّى ، يجيء قوم بألوان من التّمر. وهو من أردأ التّمر يؤدّونه من زكاتهم تمرا. يقال له «الجعرور» و «المعافارة» قليلة اللّحا ، عظيمة النّوى. وكان بعضهم يجيء بها عن التّمر الجيّد. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : لا تخرصوا هاتين التّمرتين. ولا تجيئوا منهما بشيء.
وفي ذلك نزل : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا).
والإغماض أن يأخذ هاتين التّمرتين.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌ) عن إنفاقكم. وإنّما يأمركم به لانتفاعكم.
(حَمِيدٌ) (٢٦٧) بقبوله وإثابته.
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) في الإنفاق. والوعد في الأصل شائع في الخير والشّرّ.
وقرئ الفقر ، بالضّمّ والسّكون وبضمّتين وفتحتين.
(وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) : ويغريكم على البخل. والعرف يسمّي البخيل فاحشا.
وقيل (٥) : المعاصي.
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢٨٤ ، ح ١٧.
(٢) المجادلة / ٢٢.
(٣) أ : إذ لفضه.
(٤) الكافي ٤ / ٤٨ ، ح ٩.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ١٤٠.