يحيى ، والحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمّار السّاباطيّ قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا عمّار! الصّدقة ، والله! في السّرّ ، أفضل من الصّدقة في العلانية.
وكذلك والله العبادة في السّرّ ، أفضل منها في العلانية.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).
قال : ليس تلك الزّكاة. ولكنّه الرّجل يتصدّق لنفسه الزّكاة (٢) ، علانية ، ليس بسرّ.
واعلم! أنّ بعض تلك الأحاديث ، يدلّ على أنّ في الآية استخداما ، والمراد بالصّدقات ، الصّدقات الواجبة ، وبضميرها المندوبة. ويمكن حمل البعض الآخر عليه ـ أيضا ـ إلّا الخبر الأوّل. ويمكن أن يقال أيضا إنّه تفسير لقوله : «وإن تخفوها» ـ إلى آخره.
(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) :
قرأ ابن عامر وعاصم ، في رواية حفص ، بالياء ، أي : والله يكفّر أو الإخفاء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ، في رواية ابن عيّاش ويعقوب ، بالنّون ، مرفوعا على أنّه جملة فعليّة ، مبتدأة ، أو اسميّة ، معطوفة على ما بعد الفاء ، أي : ونحن نكفّر.
وقرأ نافع وحمزة والكسائيّ به ، مجزوما على محلّ الفاء وما بعده.
وقرئ مرفوعا ومجزوما.
والفعل للصّدقات.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٧١) : ترغيب في الإسرار.
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) : ليس عليك أن تجعل كلّ النّاس مهديّين ، بمعنى الإلزام على الحقّ. لأنّك لا تتمكّن منه. وإنّما عليك إراءة الحقّ ، والحثّ عليه.
(وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ). لأنّه يقدر عليه.
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) ، من نفقة معروفة ، (فَلِأَنْفُسِكُمْ) : فهو لأنفسكم. لا ينتفع به غيركم. فلا تمنّوا عليه. ولا تنفقوا الخبيث.
(وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) ، أي : حال كونكم غير متقين إلّا لابتغاء وجهه.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ١٥١ ، ح ٤٩٩.
(٢) المصدر : والزكاة.