ـ عزّ وجلّ ـ بفؤاده. ولم يرها بعينه. فكان كقاب قوسين بينها وبينه (١) ، أو أدنى. فأوحى [الله] (٢) إلى عبده ما أوحى. وكان في ما أوحى إليه الآية الّتي في سورة البقرة ، قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ. فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ. وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ. وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم ـ عليه السّلام ـ إلى أن بعث الله ـ تبارك وتعالى ـ محمّدا.
وعرضت على الأمم. فأبوا أن يقبلوا (٣) من ثقلها. وقبلها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.
وعرضها على أمّته. فقبلوها. فلمّا رأى الله ـ تبارك وتعالى ـ منهم القبول ، علم أنهم لا يطيقونها.
فلمّا أن سار إلى ساق العرش ، كرّر عليه الكلام ، ليفهمه. فقال : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ).
فأجاب ـ صلّى الله عليه وآله ـ مجيبا عنه : وعن (٤) أمّته؟
فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ).
فقال ـ جلّ ذكره : لهم الجنّة والمغفرة على أن فعلوا ذلك.
فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : [أمّا] (٥) إذا فعلت ذلك ربّنا (٦) ، فغفرانك ربّنا.
وإليك المصير ، يعنى : المرجع في الآخرة.
قال : فأجابه الله جلّ ثناؤه : وقد فعلت ذلك بك وبأمّتك؟
ثمّ قال ـ عزّ وجلّ : أمّا إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمّتك ، فحقّ عليّ أن أرفعها. عن أمّتك.
وقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. لَها ما كَسَبَتْ) من خير. (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شرّ.
فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا سمع ذلك : أمّا إذا فعلت ذلك بي وبأمّتي ، فزدني.
__________________
(١) المصدر : بينه وبينها. (ظ)
(٢) يوجد في المصدر.
(٣) المصدر : يقبلوها. (ظ)
(٤) ولعله : عن.
(٥) يوجد في المصدر.
(٦) المصدر : بنا.