له من العمر الطّويل والسّعادة والتّنعّم والتّمتّع بحواسّه وساير بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله تعالى بمثل دعائهما وتتوسّلون إلى الله تعالى بمثل وسيلتهما؟ ليسدّ فاقتكم ويجبر كسركم ويسدّ خلّتكم.
فقالوا : اللهمّ إليك التجأنا وعلى فضلك اعتمدنا. فأزل فقرنا ، وسدّ خلّتنا ، بجاه محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والطّيّبين من آلهم.
فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى! قل لهم : ليذهب رؤساؤكم إلى خربة بني فلان ، ويكشفوا في موضع كذا وجه الأرض قليلا ، ويستخرجوا ما هناك ، فإنّه عشرة آلاف ألف دينار ، ليردّوا على كلّ من دفع من (١) ثمن البقرة ما دفع ، لتعود أموالهم. ثمّ ليتقاسموا بعد ذلك ما فضل ، وهو خمسة آلاف ألف دينار. على قدر ما دفع كلّ واحد منهم في هذه المحنة ، لتتضاعف أموالهم ، جزاء على توسّلهم بمحمّد وآله الطّيّبين واعتقادهم لتفضيلهم.
ثمّ قال ـ عزّ وجلّ : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، أي : يريكم سائر آياته ، سوى هذه من الدّلالات على توحيده ونبوّة موسى ـ عليه السّلام ـ نبيّه وفضل محمّد على الخلائق سيّد إمائه وعبيده وتثبيت (٢) فضله وفضل آله الطّيّبين ، على سائر خلق الله أجمعين ، لعلّكم تعقلون وتتفكّرون أن الّذي يفعل هذه العجائب ، لا يأمر الخلق إلّا بالحكمة. ولا يختار محمّدا وآله إلّا لأنّهم أفضل ذوي الألباب].(٣).
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) :
القساوة : الغلظ مع الصّلابة ، كما في الحجر.
وقساوة القلب ، مثل في نبوه (٤) عن الاعتبار ، وأنّ المواعظ لا تؤثّر فيه. ثمّ لاستبعاد القسوة ونحوه. ثمّ أنتم تمترون.
(مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، يعني : إحياء القتيل ، أو جميع ما عدّد من الآيات. فإنّها ممّا توجب لين القلب.
(فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) في قسوتها.
(أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) : منها ، يعني : أنّها في القساوة مثل الحجارة [أو زائدة عليها ، أو أنّها
__________________
(١) المصدر : في.
(٢) المصدر : ثبت.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) أ : بثوه.