وجدوا في كتابهم ، فيتناول الفريقين.
فالاستفهام على الأوّل ، تقريع ، وعلى الثّاني ، إنكار ونهي.
(لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) ليحتجّوا بما فتح الله عليكم ، حال كونه ثابتا عند ربّكم ، أي : من جملة ما ثبت عند ربّكم ، أي : من جملة ما أنزل الله في كتابه.
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٧٦) ، إمّا من كلام اللائمين ، وتقديره «أفلا تعقلون أنّهم يحاجّوكم فيغلبون به عليكم» ، أو متّصل بقوله أفتطمعون.
والمعنى : أفلا تعقلون حالهم. وأن لا مطمع لكم في إيمانهم.
[وفي مجمع البيان (١) : (تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ). (الآية) وروي عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين. إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التّوراة من صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فنهاهم كبراؤهم عن ذلك. وقالوا : لا تخبروهم بما في التّوراة من صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فيحاجّوكم به عند ربّكم. فنزلت هذه الآية].(٢)
(أَوَلا يَعْلَمُونَ) هؤلاء (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من الكفر وما فتح الله وتحريف الكلم وغيره؟
(وَما يُعْلِنُونَ) (٧٧) من الإيمان وغير ما فتح الله وتأويلاتهم وتحريفاتهم؟
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ) ، اي : التّوراة (إِلَّا أَمانِيَ) : استثناء منقطع.
والأمانيّ ، جمع أمنيّة. وهي في الأصل : ما يقدّره الإنسان في نفسه.
(وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٧٨) : لا علم لهم.
روي أنّ رجلا قال للصّادق (٣) ـ عليه السّلام : إذا كان هؤلاء العوامّ (٤) من اليهود (٥) ، لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعونه من علمائهم ، لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١٤٢.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) الاحتجاج ٢ / ٢٦٣.
(٤) ليس في ر.
(٥) ر : اليهود من العوامّ.