قال : كنت أفديك.
قال : فإن قالوا لا نفديه إلّا بنصف ما تملك.
قال : كنت أفديك.
قال : فإن قالوا لا نفديه إلّا بكلّ ما تملك؟
قال : كنت أفديك.
قال : أبو ذرّ : الله أكبر! قال لي حبيبي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوما : يا أبا ذرّ! كيف أنت إذا قيل لك أيّ البلاد أحبّ إليك أن تكون فيها ، فتقول مكّه حرم الله وحرم رسوله ، أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت ، فيقال لك لا ولا كرامة لك ، فتقول فالمدينة حرم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيقال لك لا ولا كرامة لك ، ثمّ يقال فأيّ البلاد أبغض إليك أن تكون فيها ، فتقول الربذة الّتي كنت فيها على غير دين الإسلام ، فيقال لك سر إليها؟
فقلت : إنّ هذا لكائن؟ يا رسول الله! قال : إي! والّذي نفسي بيده إنّه لكائن.
فقلت : يا رسول الله! أفلا أضع سيفي (١) على عاتقي ، فأضرب به قدما قدما؟
قال : لا اسمع ، واسكت ، ولو لعبد حبشيّ. وقد أنزل الله فيك وفي عثمان آية.
فقلت : وما هي. يا رسول الله! قال : قوله ـ تبارك وتعالى ـ (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ. ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ. وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ. ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ ، وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ ، تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ. وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى ، تُفادُوهُمْ. وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ. أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)].(٢)
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ. فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) بأن يهون عليهم.
«واختلف في الخفّة والثّقل :
__________________
(١) المصدر : سيفي هذا.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.