وقيل (١) : معناه «ويؤمنون وهم قليل.» وقيل (٢) : يجوز أن يكون القلّة ، بمعنى العدم.
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : هو القرآن.
(مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) من كتابهم ، لا يخالفه.
وقرئ «مصدّقا» ، على الحال ، لتخصيصه بالوصف. وهو من عند الله. وجواب «لمّا» محذوف. وهو ، «كذّبوا به واستهانوا بمجيئه.» (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) ، أي : يستنصرون على المشركين ، إذا قاتلوهم. قالوا : اللهمّ انصرنا بالنّبيّ المبعوث في آخر الزّمان الّذي نجد نعته في التوراة.
ويقولون لاعدائهم من المشركين : قد أظلّ زمان نبيّ يخرج بتصديق ما قلنا. فنقتلكم معه ، أو يفتحون عليهم. ويعرّفونهم أنّ نبيّا يبعث منهم. وقد قرب زمانه.
و «السّين» ، للمبالغة كما في استعجب واستحجر ، أي : يسألون أنفسهم الفتح عليهم ، أو يسأل بعضهم بعضا أن يفتح عليهم. والشيء بعد الطّلب ، أبلغ ، كقولهم : مر مستجلا ، أي : مر طالبا للعجلة من نفسه. [(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) : من نعت محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ (كَفَرُوا بِهِ) حسدا وخوفا على الرّئاسة. (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٨٩).
اللّعن ، هو الإقصاء والابعاد. وأتى بالمظهر للدّلالة على أنّهم لعنوا لكفرهم.
فيكون اللّام ، للعهد. ويجوز أن يكون للجنس. ويدخل فيه دخولا أوليّا].(٣)
روى العيّاشي (٤) ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام : [في قوله (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا)] (٥) قال : كانت اليهود تجد في كتبها ، أنّ مهاجر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما بين عير وأحد. فخرجوا يطلبون المواضع فمرّوا بجبل ، يقال له «حدّاد». فقالوا : «حدّاد وأحد سواء». فتفرّقوا عنده.
فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر. فاشتاق الّذين بتيماء إلى بعض إخوانهم.
فمرّ بهم أعرابي من قيس. فتكاروا منه. وقال لهم : أمرّ بكم ما بين عير وأحد؟
__________________
(١) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٩ ، باختلاف بسيط في اللفظ.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) تفسير العياشي ١ / ٤٩ ، ح ٦٩.
(٥) ليس في أ.