وأمّا ما روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال (١) : «لا يتمنّين أحدكم الموت لضرّ ، نزل به. ولكن ليقل : اللهمّ أحيني ما دامت الحيوة خيرا لي. وتوفّني إذا كانت الوفاة ، خيرا لي» ، فإنّما نهى عن التّمنّي للضّرّ. لأنّه يدلّ على الجزع. والمأمور به الصّبر وتفويض الأمور إليه.
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ. وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٩٥) : والمراد (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) ، ما أسلفوا من موجبات النّار ، من الكفر بمحمّد ، وما جاء به ، وتحريف كتاب الله ، وسائر أنواع الكفر والعصيان. ولمّا كانت اليد العاملة ، مختصّة بالإنسان ، آلة لقدرته. بها عامّة صنائعه (٢) ومنها أكثر منافعه ، عبّر بها عن النّفس ، تارة ، والقدر ، أخرى.
وقوله (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) من المعجزات. لأنّه إخبار بالغيب.
وروى الكلبيّ (٣) ، عن ابن عبّاس ، أنّه قال : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول لهم (٤) : إن كنتم صادقين في مقالتكم ، فقولوا «اللهمّ أمتنا». فو الّذي نفسي بيده! لا يقولها رجل إلّا غصّ بريقه. فمات مكانه.
وروي عنه ـ عليه السّلام ـ (٥) أيضا ـ أنّه [قال :] (٦) لو أنّ اليهود تمنّوا الموت ، لماتوا ، ولرأوا مقاعدهم من النّار.
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) :
من وجد ، بمعنى علم. المتعدّي إلى مفعولين ، في قولهم : وجدت زيدا ذا انخفاض. (٧) ومفعولاه ، هم أحرص.
وتنكير «حياة» ، لأنّه أريد فرد من أفرادها. وهي الحياة المتطاولة. وقرئ باللام.
(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) :
محمول على المعنى. فكأنّه قال : أحرص من النّاس ومن الّذين أشركوا
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١٦٤.
(٢) ر : على صنايعه.
(٣) مجمع البيان ١ / ١٦٤.
(٤) ر : لكم.
(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٦) يوجد في المصدر.
(٧) أ : انخفظاظ. الأصل ور : انخفاظ.