قال : جبرئيل.
قال : لو كان غيره يأتيك بها ، لآمنت بك. ولكن جبرئيل عدوّنا من بين الملائكة. فلو كان ميكائيل ، أو غيره سوى جبرئيل يأتيك بها ، لآمنت بك.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : ولم اتّخذتم جبرئيل عدوّا؟
قال : لأنّه ينزل بالبلاء والشّدّة على بني إسرائيل. ودفع دانيال عن قتل بخت نصر ، حتّى قوى أمره وأهلك بني إسرائيل. وكذلك كلّ بأس وشدّة لا ينزلها إلّا جبرئيل وميكائيل يأتينا بالرّحمة.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : ويحك! أجهلت أمر الله؟ وما ذنب جبرئيل إن أطاع الله ، فيما يريده الله بكم. أرأيتم ملك الموت أهو عدوّكم؟ وقد وكّله الله تعالى بقبض أرواح الخلق. أرأيتم الآباء والأمّهات إذا وجروا الأولاد الدّواء الكريه لمصالحهم ، يجب أن يتّخذهم أولادهم أعداء من أجل ذلك؟ لا! ولكنّكم بالله جاهلون.
وعن حكمته غافلون. وأشهد أنّ جبرئيل وميكائيل بأمر الله عاملان. وله مطيعان. وأنّه لا يعادي أحدهما إلّا من عادى الآخر. وأنّه من زعم أنّه يحبّ أحدهما ويبغض الآخر ، فقد كذب. وكذلك محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ، أخوان ، كما أنّ جبرئيل وميكائيل ، أخوان. فمن أحبّهما ، فهو من أولياء الله. ومن أبغضهما ، فهو من أعداء الله. ومن أبغض أحدهما وزعم أنّه يحبّ الآخر ، فقد كذب وهما منه بريئان. والله تعالى وملائكته وخيار خلقه منه براء.
وقال أبو محمّد ـ عليه السّلام : كان سبب نزول قوله تعالى (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) (الآيتين) ، ما كان من اليهود أعداء الله من قوله من قول السيّئ ، في جبرئيل وميكائيل ، ومن كان من أعداء الله النّصّاب ، من قول أسوء منه ، في الله وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله. أمّا ما كان من النّصّاب ، فهو أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا كان لا يزال يقول في عليّ ـ عليه السّلام ـ الفضائل الّتى خصّه الله ـ عزّ وجلّ ـ بها والشّرف الّذي أهّله الله تعالى له. وكان في كلّ ذلك يقول : أخبرني به جبرئيل ، عن الله. ويقول في بعض ذلك ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل ، عن يساره. يفتخر جبرئيل على ميكائيل ، في أنّه عن يمين عليّ ـ عليه السّلام ـ الّذي هو أفضل من اليسار ، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدّنيا يجلسه الملك عن يمينه ، على النّديم الآخر الّذي يجلسه عن يساره. ويفتخران على إسرافيل الّذي خلفه بالخدمة ، وملك الموت الّذي أمامه بالخدمة.