حدّه.
قال ابن عبّاس (١) : إنّ ابن صوريا قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : يا محمّد! ما جئتنا بشيء نعرفه. وما أنزل عليك بآية بيّنة فنتّبعك لها. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً) :
الهمزة حرف استفهام للإنكار. ويحتمل أن تكون للتّقرير.
وقال بعضهم (٢) : يحتمل أن تكون زائدة ، كزيادة الفاء ، في قولك : أفالله لتفعلنّ.
والأوّل أصحّ.
والواو للعطف ، على محذوف تقديره «أكفروا بالآيات وكلّما عاهدوا.» وقرئ بسكون الواو ، على أنّ التّقدير «إلّا الّذين فسقوا» ، أو «كلّما عاهدوا» وقرئ عوهدوا وعهدوا (٣).
(نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) : نقضه.
وأصل النّبذ : الطّرح. لكنّه يغلب فيما ينسى.
وإنّما قال «فريق» ، لإنّ بعضهم لم ينقض.
وقرئ نقضه.
[وفي روضة الكافي (٤) ، في رسالة أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إلى سعد الخير : وكلّ أمّة قد رفع الله عنهم علم الكتاب ، حين نبذوه. وولّاهم عدوّهم ، حين تولّوه. وكان من نبذهم الكتاب ، أن أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده. فهم يروونه ولا يرعونه. والجّهال يعجبهم للرّواية. والعلماء يحزنهم تركهم للرّعاية. وكان من نبذهم الكتاب ، أن ولّوه الّذين لا يعلمون. فأوردوهم الهوى. وأصدروهم إلى الرّدى. وغيّروا عرى الدّين ـ إلى إن قال ـ عليه السّلام : ثمّ اعرف أشباههم ، من هذه الأمّة الّذين أقاموا حروف الكتاب وحرّفوا حدوده. فهم مع السّادة والكبرة. فإذا تفرّقت قادة الأهواء ، كانوا مع أكثرهم دنيا. وذلك مبلغهم من العلم. لا يزالون كذلك في طمع وطبع. لا يزال يسمع صوت إبليس ، على ألسنتهم ، بأباطل كثيرة (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١٦٨.
(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.
(٣) ر. أنوار التنزيل ١ / ٧٢.
(٤) الكافي ٨ / ٥٢ ـ ٥٤ ، مقاطع من ح ١٦.
(٥) المصدر : بباطل كثير.