والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة] (١)
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠٠) :
ردّ لما يتوهّم أنّ الفريق هم الأقلّون ، أو أنّ من لم ينبذ جهارا ، فهم يؤمنون به خفاء.
(وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : كعيسى ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله.
(مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) من التوراة ، (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ) ، أي : التوراة. لأنّ كفرهم بالرّسول المصدّق لها ، كفر بها فيما تصدّقه.
وقيل (٢) : المراد بكتاب الله ، القرآن.
(وَراءَ ظُهُورِهِمْ) :
مثل لإعراضهم عنه ، بالإعراض عمّا يرمى به وراء الظّهر ، لعدم الالتفات إليه.
(كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٠١) أنّه كتاب الله ، يعني : أنّ علمهم به رصين (٣). ولكن يتجاهلون عنادا.
قال الشّعبيّ : (٤) هو بين أيديهم يقرءونه. ولكن نبذوا العمل به.
قال سفيان بن عيينة : (٥) أدرجوه في الحرير والدّيباج وحلّوه بالذّهب والفضّة.
ولم يحلّوا حلاله. ولم يحرّموا حرامه. فذلك النّبذ. هذا إذا حمل الكتاب على التوراة. وأمّا إذا حمل على القرآن ، فإنّه لما جاءهم الرّسول بهذا الكتاب ، فلم يقبلوه ، صاروا نابذين له.
واعلم : أنّه تعالى دلّ بالآيتين ، على أنّ جلّ اليهود ، أربع فرق : فرقة آمنوا بالتوراة وقاموا بحقوقها ، كمؤمني أهل الكتاب. وهم الأقلّون المدلول عليهم بقوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
وفرقة جاهروا بنبذ عهودها وتخطّي حدودها ، تمرّدا وفسوقا. وهم المعنيّون بقوله : نبذ فريق منهم.
وفرقة لم يجاهروا بنبذها ، لكن نبذوا لجهلهم بها. وهم الأكثرون.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) مجمع البيان ١ / ١٦٩+ أنوار التنزيل ١ / ٧٢.
(٣) أ : رزين. وهو الظاهر. وما في المتن ، موافق أنوار التنزيل.
(٤ و ٥) مجمع البيان ١٦٩ / ١.