وفرقة تمسّكوا بها ظاهرا ، ونبذوها خفية ، عالمين بالحال ، بغيا وعنادا. وهم المتجاهلون.
(وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) : معطوف على «نبذ» ، أي : نبذوا كتاب الله. واتّبعوا كتب السّحر الّتي تقرؤها ، او تتبعها الشّياطين من الجنّ ، أو الإنس ، أو منها.
(عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) ، أي : على عهد سليمان.
قيل (١) : كانوا يسترقون السّمع ، ويضمّون إلى ما سمعوا أكاذيب ، ويلقونها إلى الكهنة ، وهم يدوّنونها ، ويعلّمون النّاس. وفشى ذلك في عهد سليمان ، حتّى قيل : إنّ الجنّ يعلم الغيب. وإن ملك سليمان تمّ بهذا العلم. وإنّه تسخّر به الإنس والجنّ والرّيح له.
وروى العيّاشيّ ، (٢) بإسناده ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام. قال : لمّا هلك سليمان ، وضع إبليس السّحر. ثمّ كتبه في كتاب. وطواه. وكتب على ظهره : «هذا ما وضع آصف بن برخيا ، من ملك سليمان بن داود ، من ذخائر كنوز العلم. من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا.» ثمّ دفنه تحت السّرير. ثمّ استأثره لهم. فقال الكافرون : ما كان يغلبنا سليمان إلّا بهذا. وقال المؤمنون : هو عبد الله ونبيّه. فقال الله في كتابه : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا). (إلى آخره.)
(وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) : تكذيب لمن زعم ذلك.
وعبّر عن السّحر ، بالكفر ، ليدلّ على أنّه كفر. وأنّ من كان نبيّا ، كان معصوما عنه.
(وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) باستعماله.
وقيل (٣) : بما نسبوا إلى سليمان من السّحر.
وقيل (٤) : عبّر عن السّحر ، بالكفر.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي (٥) : ولكن (بالتّخفيف) ، ورفع الشّياطين.
(يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) إغواء وإضلالا.
والجملة حال عن الضّمير في «كفروا.»
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٧٣.
(٢) تفسير العياشي ١ / ٥٢ ، ح ٧٤.
(٣ و ٤) مجمع البيان ١ / ١٧٤.
(٥) نفس المصدر ١ / ١٧٠.