قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان ذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ سبّحت في يده تسع حصيات فسمع نغماتها في جمودها ولا روح فيها لتمام حجّة نبوّته ، ولقد كلمه الموتى (١) من بعد موتهم واستغاثوه ممّا خافوا تبعته. ولقد صلّى بأصحابه ذات يوم فقال : ما ها هنا من بني النّجّار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنّة. بثلاثة دراهم لفلان اليهوديّ ، وكان شهيدا.
ولئن زعمت (٢) أنّ عيسى كلّم الموتى ، فلقد كان لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما هو أعجب من هذا ، إنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا نزل بالطّائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة (٣) مسلوخة مطليّة بسمّ ، فنطق الذّراع منها فقالت : يا رسول الله لا تأكلني فإنّي مسمومة ، فلو كلّمت البهيمة وهي حيّة لكانت من أعظم حجج الله عزّ ذكره على المنكرين لنبوّته ، فكيف وقد كلّمته من بعد ذبح وسلخ وشوي (٤).
ولقد كان ـ صلّى الله عليه وآله ـ يدعو بالشّجرة فتجيبه ، وتكلّمه البهيمة ، وتكلّمه السّباع ، وتشهد له بالنّبوّة وتحذّرهم عصيانه ، فهذا أكثر ممّا أعطي عيسى.
قال له اليهوديّ : إن عيسى تزعمون (٥) أنّه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم.
قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ فعل ما هو أكبر (٦) من هذا إنّ عيسى أنبأ قومه بما كان (٧) من وراء الحائط ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنبأ قومه (٨) [عن موتة] (٩) وهو عنها غائب ، ووصف حربهم ومن استشهد (١٠) منهم ، وبينه وبينهم مسيرة شهور ، وكان يأتيه الرّجل يريد أن يسأله عن شيء فيقول ـ صلّى الله عليه وآله ـ : تقول أو أقول ، فيقول : بل قل يا رسول الله ، فيقول : جئتني في كذا وكذا ، حتى يفرغ (١١) من حاجته. ولقد كان يخبر أهل مكّة بأسرارهم بمكّة حتّى
__________________
(١) أ : «الله» بدل «الموتى».
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : إن زعمت.
(٣) النسخ : «شاة». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٤) المصدر : شي
(٥) المصدر : يزعمون.
(٦) المصدر : «كان له أكثر» بدل «فعل ما هو أكبر».
(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يأكلون.
(٨) هكذا في أ. وفي المصدر وسائر النسخ : من قومه.
(٩) من المصدر.
(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : اشهد.
(١١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فرغ.