هارون الرّشيد لمّا قال له : كيف تكونون ذرّيّة رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ لهارون : أزيدك ، يا أمير المؤمنين.
قال : هات.
قلت : قول الله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، ولم يدّع أحد أنّه أدخل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ تحت الكساء عند المباهلة للنّصارى ، إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ، فكان تأويل قوله ـ عزّ وجلّ ـ : أبناءنا ، الحسن والحسين. ونساءنا ، فاطمة. وأنفسنا ، عليّ بن أبي طالب. على أنّ العلماء قد أجمعوا ، على أنّ جبريل قال يوم أحد : يا محمّد ، إنّ هذه لهي المواساة من عليّ.
قال : لأنّه منّي وأنا منه.
وفيه (١) : في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل ، وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسّر الله ـ تعالى ـ الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فسّر الاصطفاء في الظّاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا ، فأوّل ذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ إلى أن قال : وأمّا الثّالثة ، فحين ميّز الله الطّاهرين من خلقه. فأمر نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالمباهلة بهم في آية المباهلة (٢) ، فقال ـ عزّ وجلّ ـ : يا محمّد ، (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).
فبرز (٣) النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا والحسن والحسين وفاطمة ـ صلوات الله عليهم ـ وقرن أنفسهم بنفسه ، فهل (٤) تدرون ما معنى قوله : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)؟
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٢٩٧ ، ح ٥٣.
(٢) هكذا في الأصل. وفي المصدر : الابتهال.
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل لا يقرأ. ولعلّ الصواب : فأبرز.
(٤) الأصل : «بل». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.