أن يوحيه إلى إبراهيم ، ويكون هو عليه قبل إنزال التّوراة والإنجيل] (١) أفلا تعقلون؟ وحينئذ لا يرد عليه شيء من الإشكالين ، والله أعلم بحقيقة الحال.
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) : «ها» ، حرف تنبيه ، نبّهوا بها على حالهم ، الّتي غفلوا عنها. و «أنتم» ، مبتدأ.
و «هؤلاء» ، خبره. و «حاججتم» ، جملة أخرى مبيّنة للأولى ، أي : أنتم هؤلاء الحمقى ، وبيان حماقتكم أنّكم جادلتم فيما لكم به علم ، ممّا وجدتموه في التّوراة والإنجيل من نعت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عنادا ، فلم تجادلون فيما لا علم لكم به ، ولا ذكر له في كتابكم ، من أنّ إبراهيم كان على اليهوديّة أو النّصرانيّة الّتي نحن عليها.
وقيل (٢) : هؤلاء ، بمعنى : الّذين. وحاججتم ، صلته.
وقيل (٣) : ها أنتم ، أصله أأنتم على الاستفهام ، للتّعجيب من حماقتهم ، فقلبت الهمزة هاء.
وقرء نافع وأبو عمرو «ها أنتم» حيث وقع بالمدّ ، من غير همزة. وورش ، أقلّ مدّا.
وقنبل ، بالهمزة (٤) من غير ألف بعد الهاء. والباقون ، بالمدّ والهمزة (٥).
والبزّيّ ، يقصر (٦) المدّ على أصله (٧).
(وَاللهُ يَعْلَمُ) : ما حاججتم فيه ، أوله العلم.
(وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٦٦) : أي : لا تعلمونه ، أو لستم ممّن له العلم.
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) :
بعد ما قرّر أنّ إبراهيم لم يكن على اليهوديّة والنّصرانيّة الّتي هم عليها الآن ، نفى عنه اليهوديّة والنّصرانيّة مطلقا ، ولمّا كان يوهم ذلك كونه على غير الحقّ ، لأنّ أصل اليهوديّة والنّصرانيّة لم يكن غير حق (٨) ، نفى ذلك الوهم بقوله : (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً) : مائلا عن العقائد الزّائغة.
في أصول الكافي (٩) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦٥.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) المصدر : بالهمز.
(٥) المصدر : الهمز.
(٦) المصدر : بقصر.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) ر : على غير حقّ.
(٩) لكافي ٢ / ١٥ ، ح ١.