القبلة : آمنوا بما أنزل عليهم من الصّلاة إلى الكعبة وصلّوا إليها أوّل النّهار ثمّ صلّوا إلى الصّخرة آخره ، لعلّهم يقولون : هم أعلم منّا وقد رجعوا ، فيرجعون.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ [لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)] (٢) قال : نزلت في قوم من اليهود قالوا : آمنّا بالّذي جاء [به] (٣) محمّد بالغداة ، كفرنا (٤) به بالعشيّ.
وفي رواية أبي الجارود (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). فإنّ (٦) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا قدم المدينة وهو يصلّي نحو بيت المقدس أعجب ذلك اليهود (٧) ، فلمّا صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت الله الحرام وجدت (٨) اليهود من ذلك (٩) ، وكان صرف القبلة صلاة الظّهر ، فقالوا : صلّى محمّد الغداة واستقبل قبلتنا ، فآمنوا بالّذي أنزل على محمّد وجه النّهار واكفروا آخره ، يعنون ، القبلة حين استقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المسجد الحرام ، لعلّهم يرجعون إلى قبلتنا.
(وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) : أي : لا تقرّوا عن قصد قلب إلّا لأهل دينكم.
أو لا تظهروا إيمانكم وجه النّهار إلّا لمن كان على دينكم ، فإنّ رجوعهم أرجى.
(قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) : يهدي من يشاء إلى الإيمان ويثبّته.
(أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) : تعليل لمحذوف ، أي : دبّرتم وقلتم ذلك لأجل أن يؤتى ، أي : الحسد حملكم على ذلك. أو بلا تؤمنوا على المعنى الثّاني ، أي : لا تظهروا إيمانكم للمسلمين لئّلا يزيد ثباتهم ، أو للمشركين فيدعوهم إلى الإسلام.
وعلى هذا قوله : إنّ الهدى ـ الخ ـ اعتراض ، يدلّ على أنّ كيدهم لا يجدي.
ويحتمل أن يكون خبر «إنّ» و «هدى الله» بدلا من الهدى.
وقرأ ابن كثير «أأن يؤتى» على الاستفهام للتّقريع وقرئ على «إن» النّافية ، فيكون من كلام الطّائفة (١٠).
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٠٥.
(٢ و ٣) من المصدر.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كفروا.
(٥) نفس المصدر والموضع.
(٦) المصدر : أنّ.
(٧) المصدر : «اليهود من ذلك» بدل «ذلك اليهود».
(٨) وجدت : حزنت.
(٩) «اليهود من ذلك» ليس في المصدر.
(١٠) أنوار التنزيل ١ / ١٦٧.