(بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (٧٩) : بسبب كونكم معلّمين الكتاب ودارسين له ، فإنّ فائدة التّعليم والتّعلّم معرفة الحقّ والخير للاعتقاد والعمل.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب «تعلمون» بالتّخفيف ، أي ، بسبب كونكم عالمين (١).
وقرئ «تدرسون» من التّدريس ، و «تدرسون» من أدرس ، بمعنى : درس ، كأكرم وكرم. ويجوز أن تكون القراءة المشهورة أيضا بهذا المعنى ، على تقدير : وبما تدرسونه على النّاس (٢).
وفي كتاب عيون الأخبار (٣) : في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في وجه دلائل الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ والرّدّ على الغلاة والمفوّضة ـ لعنهم الله ـ حديث طويل وفيه : فقال (٤) المأمون : يا أبا الحسن بلغني أنّ قوما يغلون فيكم ويتجاوزون (٥) فيكم الحدّ.
فقال : الرّضا ـ عليه السّلام ـ : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه علي بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لا ترفعوني فوق حقّي ، فإن الله تعالى اتّخذني عبدا قبل أن يتّخذني نبيّا ، قال الله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ) ـ إلى آخر الآية (٦) ـ.
وقال (٧) عليّ ـ عليه السّلام ـ : يهلك فيّ اثنان ـ ولا ذنب لي ـ محبّ مفرط ومبغض مفرّط ، وإنّا البرءاء (٨) إلى الله ـ تعالى ـ ممّن يغلو فينا فيرفعنا (٩) فوق حدّنا ، كبراءة عيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ من النّصارى.
(وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) :
قرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب ، بفتح الرّاء ، عطفا على «يقول» ويكون «لا» إمّا مزيدة ، لتأكيد معنى النّفي في قوله : (ما كانَ لِبَشَرٍ) ، أي ، ما كان لبشر أن يستنبئه
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٦٩.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ضمن حديث ١.
(٤) المصدر : قال له.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يجاوزون.
(٦) ذكر في المصدر الآية بطولها إلى «أنتم مسلمون».
(٧) رو المصدر : قال.
(٨) المصدر : «أبرء». ولعلّ الصواب : لنبرأ.
(٩) المصدر : ويرفعنا.