الشّرائع المجهولة ، وقمع به البدع المدخولة ، وبيّن الأحكام المفصولة ، (مَنْ) (١) (يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) متحقّق (٢) شقوته وتنفصم عروته وتعظم كبوته ، ويكون ما به إلى الحزن (٣) الطّويل والعذاب الوبيل].(٤)
(فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥) : الواقعين في الخسران ، والمعنى : أنّ المعرض عن الإسلام والطّالب لغيره ، فاقد للنّفع ، واقع في الخسران ، بإبطال الفطرة السّليمة الّتي فطر النّاس عليها.
قال البيضاويّ (٥) : واستدلّ به على أنّ الإيمان هو الإسلام ، إذ لو كان غيره لم يقبل.
والجواب : إنّه ينفي قبول كلّ دين يغايره ، لا قبول كلّ ما يغايره ، ولعلّ الدّين أيضا الأعمال (٦).
وفيه : أنّ من قال : بأنّ الإيمان غير الإسلام ، يقول : بأنّه دين غيره. والاستدلال إنّما هو عليه ، والمقصود ، أنّ الإسلام والإيمان واحد يسمّى إسلاما وإن كان قبل رسوخه ودخوله في القلب ، ولا يسمّى إيمانا إلّا بعد دخوله ورسوخه فيه ، والآية تدلّ على اتّحادهما ، والفرق يعلم من موضع آخر.
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) : استبعاد لأن يهديهم الله ، فإنّ الحائد عن الحقّ ـ بعد ما وضح له ـ منهمك في الضّلال ، بعيد عن الرّشاد.
وقيل (٧) : نفي وإنكار له. وذلك يقتضي أن لا تقبل توبة المرتدّ ، وهذا حقّ في حقّ الرّجل المولود على الإسلام ، دون المولود على الكفر والمرأة.
ويمكن أن يقال : المتبادر من بعد إيمانهم كونهم مؤمنين بحسب الفطرة ، ومن جاءهم البيّنات الرّجال ، وكذا سياق الآية ، ولفظ «قوما» والضّمائر الرّاجعة إليه قرينة التّخصيص بالرّجال ، وحينئذ يكون استثناء (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) منقطعا.
__________________
(١) المصدر : فمن.
(٢) المصدر : تتحقّق. نور الثقلين : تحقّق.
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل : الخوف.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ١٧٠.
(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : للأعمال.
(٧) نفس المصدر والموضع.