سويد بن الصّامت ، وكان قتل المحذر بن زياد البلويّ غدرا ، وهرب (١) وارتدّ عن الإسلام ولحق بمكّة ، ثمّ ندم ، فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ هل لي من توبة؟ فسألوا فنزلت [الآية] (٢) إلى قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) ، فحملها رجل من قومه اليه ، فقال : إنّي لأعلم أنّك لصدوق ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أصدق منك ، وإنّ الله تعالى أصدق الثلاثة ، ورجع إلى المدينة وتاب وحسن إسلامه. وهو المرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) ، كاليهود ، كفروا بعيسى والإنجيل بعد الإيمان بموسى والتوراة ، ثمّ ازدادوا كفرا بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ والقرآن. أو كفروا بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ بعد ما آمنوا به قبل مبعثه ، ثمّ ازدادوا كفرا بالإصرار والعناد (٣) والطّعن فيه والصّدّ عن الإيمان به ونقض الميثاق. أو كقوم ارتدّوا ولحقوا بمكّة ، ثمّ ازدادوا كفرا لقولهم : نتربّص بمحمّد ريب المنون أو نرجع إليه وننافقه بإظهاره. أو كقوم كفروا بما نصّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في وصيّه عند شياطينهم ، بعد ما آمنوا به عنده ، ثمّ ازدادوا كفرا بادّعاء الخلافة والوصاية لأنفسهم.
(لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) : لأنّهم لا يتوبون. أو لا يتوبون ، إلّا عند اليأس ومعاينة الموت.
أو لأنّ توبتهم لا تكون إلّا نفاقا. فعدم قبول توبتهم لعدم كونها توبة حقيقة لا لكفر نعم وازدياد كفرهم. ولذلك لم يدخل الفاء فيه بخلاف الموت على الكفر ، فإنّه سبب لعدم قبول الفدية ، فدخل الفاء فيه.
(وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) (٩٠) : الثّابتون على الضّلال.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) :
مل الشيء ، ما يملأه. وذهبا تمييز.
وقرئ بالرّفع على البدل ، من «مل الأرض» ، أو الخبر المحذوف (٤).
(وَلَوِ افْتَدى بِهِ) : معطوف على مضمر ، أي : فلن يقبل من أحدهم مل الأرض ذهبا لو تقرّب به في الدّنيا ، ولو افتدى به من العذاب في الآخرة. أو محمول على المعنى
__________________
(١) المصدر : «هو» بدل «هرب و».
(٢) من المصدر.
(٣) ر : والعناد والكفر.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٧١.